آخر تحديث :الثلاثاء 19 مارس 2024 - الساعة:04:47:00
"الأمناء" تبحث في أسباب تدهور الأوضاع الصحية بالمستشفيات؟ وكيف يمكن انتشالها؟
( "الأمناء" استطلاع/ مريم بارحمة:)

ما الحلول والمعالجات لتعزيز وتحسين أوضاع المستشفيات الحكومية؟

كيف تحولت مهنة الطب الإنسانية إلى تجارة مربحة؟

ما أسباب غياب الضمير الحي والبعد الإنساني في الطب؟

أين تذهب المساعدات ودعم المنظمات الدولية؟

د.أمينة: الشرعية مسؤولة عن التدهور الصحي

خلدون: الأخطاء الطبية جريمة قانونية وكارثة إنسانية

 

"الأمناء" استطلاع/ مريم بارحمة:

يعاني القطاع الصحي في محافظات الجنوب منذ 30 عاما التدهور والإهمال المتعمد والممنهج, حيث سعت سلطات صنعاء إلى التدمير الممنهج لكل المؤسسات والمرافق بمحافظات الجنوب منذ إعلان الوحدة المشؤومة عام 1990م.

وكان القطاع الصحي من أهم القطاعات التي شملها التدمير بكل أنواعه وأشكاله فتعمدت عدم المساواة بين محافظات الشمال والجنوب في تقديم الدعم المالي للمستشفيات والمرافق الصحية أو تزويدها بما تحتاج من أجهزة حديثة للتشخيص الصحيح وكذلك عدم تأهيل الأطباء والطواقم الطبية في الخارج أو الداخل, واستشرى الفساد الإداري والمالي مما جعلها عاجزة على توفير الخدمات الصحية للمرضى.

وأصبح المواطنون يعانون من تدهور الخدمات الصحية والطبية بالمستشفيات الحكومية بالعاصمة عدن ومحافظات الجنوب في ظل ارتفاع رسوم الكشف الطبي والتحاليل والأشعة والعلاج حيث تنتهج حكومة الشرعية سياسة إخضاع وتجويع وتركيع شعب الجنوب ليحيد عن هدفه المنشود.

"الأمناء" سلطت الضوء على تدهور الأوضاع الصحية بالعاصمة عدن خاصة والجنوب عامة من خلال آراء طواقم طبية ونشطاء ومهتمين ومواطنين, لمعرفة هل تلبي الخدمات الطبية الحالات المرضية للمترددين والمرقدين داخل المستشفيات وأين يكمن الخلل، ومن المسئول، وكيف يستطيع الكادر الطبي والصحي تذليل الصعوبات للمرضى، وما الحلول والمعالجات لتعزيز وتحسين أوضاع المستشفيات الحكومية.

 

الشرعية مسؤولة عن التدهور الصحي

وتقول د.أمينة حسين هرهره استشارية أطفال- أعصاب أطفال، رئيس قسم الأمراض العصبية في مستشفى الصداقة التعليمي- : "الموضوع شائك بالنسبة للخدمات الصحية كل سينظر له من زاويته نحن مثلا ملتزمون بالحضور للمستشفى الحكومي سنقول إننا نقدم خدمه جيدة, أتحدث عن أقسام الأطفال في مستشفى الصداقة ونسعى جاهدين عبر جمعيتنا جمعية أصدقاء مرضى الأطفال بدعم المرقدين في الأقسام بالعلاجات المطلوبة وكذلك بإجراء التحاليل الروتينية والأشعة المقطعية إن تطلبت الحالة، وتتكفل الجمعية بذلك، رغم قلة عدد الطاقم الطبي وعدم وجود تسوية ولا حوافز ولا أي نوع من الدعم للعاملين في الأقسام الطبية، ومع ذلك سنستمر كما نحن عليه نقدم الخدمة الجيدة طالما نحن قادرون على هذا".

وتتسأل د.أمينة: "هل يعقل أن تصرف علاوة كورونا في مرافق كالنفط والموانئ.. إلخ, بينما العاملين في المجال الطبي ومنهم على احتكاك بالمريض لا تصرف لهم أي بدلات للعدوى والتعرض للأخطار؟".

وتضيف: "الخلل بشكل عام يكمن في تهميش الطواقم الطبية وعدم تسوية مرتباتهم، تخيل أن راتب الطبيب الذي يحال للمعاش ودرجته تعادل درجة وكيل وزارة بينما راتبه لا يعادل راتب عامل بسيط في مرافق أخرى, دون أي اعتبار للمهمة الانسانية التي يقوم بها، وبالنهاية لسان حال الكل انتم ملائكة الرحمة لا تضربوا لا توقفوا العمل، بينما الكل من المدرس، إلى القاضي يضربون لنيل حقوقه, فالحكومة الشرعية الموقرة المسؤول الأول والأخير".

وتتابع: "الطاقم الطبي مسكين ومغلوب على أمره؟ كيف يذلل الصعوبات وهو غارق في وحل الصحة, ليس بيده شيء إلا عمله الذي يقوم به لوجه الله".

وتقترح د.أمينة أن "المعالجات لانتشال وضع المستشفيات تكمن في اختيار القيادات النزيهة وذوي الخبرة بالعمل الصحي ومحاسبة الفاسدين أينما كانوا".

 

نقص العلم والخبرة

وكشف الدكتور عبدالمجيد لصمع - طبيب عام بمستشفى حكومي - عن أن الخدمات الصحية المقدمة للمرضى متوسطة ولا تلبي كل ما يحتاجه المريض نتيجة قلة الإمكانيات, وضعف الإدارات, وعدم تأهيل الكادر الطبي.

ويضيف: "الخلل في أشياء كثيرة يبدأ بالإدارة فالإدارات المتعاقبة على بعض المستشفيات مع احترامي لهم ينقصهم الجانب العلمي والمعرفي, فنجده لا يعلم باحتياجات قسم الطوارئ من أجل يطالب بها الجهات المعنية".

ويؤكد د.عبدالمجيد: "أهمية الجانب التأهيلي والتدريبي للكادر الطبي والطواقم الصحية, لتقديم أفضل الخدمات للمريض, وإعطاء العمال رواتب مجزيه تجعلهم أكثر خدمة للمرضى, لأن اغلب الكادر متعاقدين, والإمكانيات والأجهزة هي اخر المعوقات".

 

غياب الإدارة الحاسمة

تؤكد الأستاذة انتظار قاسم محمد أن "الخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية ليست بالمستوى المطلوب أو عند مستوى المسئولية ولا يوجد بها علاج للمرضى إضافة إلى استهتار بعض المرضين في تأدية الخدمات الصحية للمرضى وهذا نتيجة غياب الادارة الحاسمة في هذه المرافق الحيوية، كما أن حكومة الشرعية ومكتب الصحة بعدن يتحملا المسئولية كاملة إلى ما آلت إليه مستشفيات العاصمة عدن ومحافظات الجنوب".

وتضيف: "الموظف الذي راتبه 27 الف يمني كدخل شهري لا يكفي قيمة كيس أرز ما بالك بعلاج ومرض فالمستشفيات الخاصة همها الكسب المادي بدون مراعاة للجوانب الانسانية والحالة المرضية".

وتضيف: "يكمن الخلل في الجهة المسئولة عن الجانب الصحي وهي وزارة الصحة ومكاتبها بالمحافظات والمديريات".

وعن الأخطاء الطبية تقول: "كثرة هذه الأخطاء نتيجة التشخيص الخاطئ أو إعطاء المريض أدوية خطأ، كما أن الكادر الطبي له دور بالإهمال والتساهل وعدم المبالاة فيحاول الممرض اجراء تجارب على المريض بدون استشارة الطبيب المعالج وتم الابلاغ عن الأخطاء الطبية وتحت ذريعة الحفاظ على سمعة المستشفى على حساب حياة الأخرين تُميع وتُضيع القضية".

وتقترح انتظار: "لانتشال المستشفيات والنهوض بخدماتها الصحية وتحسينها اتخاذ المعالجات منها تحمل الجهة المشرفة على الجانب الصحي وهي وزارة الصحة مسئولياتها كاملة تجاه المرضى ومحاسبة كل من يقدم على خطأ طبي دون مجاملة أو محسوبية، وتوفير الأجهزة الطبية الحديثة التي تواكب العصر, وعمل لائحة تنظيمية توحد أسعار المعاينة والفحوصات والأشعة في المستشفيات الحكومية والخاصة، ومن لم يخضع لهذه اللائحة يتخذ ضده إجراء وظيفي بالتوقيف عن العمل أو الخصم، والخاصة سحب رخصة مزاولة المهنة، واغلاق المرفق الصحي، وهذا يتطلب إجراءات صارمة من قبل وزارة الصحة ومكاتبها".

 

القضاء على الفساد ومحاسبة الفاسدين

فيما ترى الأستاذة سحر خلدون عبدالله طالبة ماجستير جامعة عدن أن "مهنة الطب مهنة إنسانية تهدف إلى إنقاذ أرواح الناس وتخفيف آلامهم فإذا كانت المستشفيات الحكومية تعمل بشكل جيد لتوفر العلاج للجميع وبأسعار معقولة ستخفف من معاناة المرضى".

وتؤكد أن "الأخطاء الطبية تعد جريمة قانونية وكارثة إنسانية وما يحصل من انتشار لأخبار وفاة مرضى أو إصابتهم بعاهات مستديمة بسبب خطأ طبي، وعدم المساءلة والمحاكمة يفقد المواطن الثقة بالأطباء والمستشفيات عموماً ويجب علينا الابلاغ عن تلك الجرائم ومعاقبة مرتكبيها بالقانون".

وتقترح سحر لتحسين القطاع الصحي "لا بد من بناء منشآت صحية جديدة لتغطي الكثافة السكانية العالية، والقضاء على الفساد المستشري ومحاسبة الفاسدين وفقا للقوانين".

 

تأهيل الطواقم الطبية

فيما يرى الأستاذ موفق مسلم صالح باجراد - وهو أحد الطواقم الطبية بمستشفى حكومي - أن "الخدمات الصحية شبه جيدة رغم الأوضاع التي تمر بها البلاد, والطواقم الطبية تعمل على قدر الامكانيات المتوفرة بالمستشفى".

ويضيف: "هناك خلل قائم في العمل بسبب أوضاع البلاد وتدهور العملة وضعف المعيشة, هذا بدوره انعكس على الكادر الصحي, فإذا تحسن وضع البلاد سوف يتحسن كل شيء"، مشيرا إلى أن: "الطواقم الطبية تعمل على الاهتمام بصحة المرضى وتقديم الرعاية الصحية قدر استطاعتها وامكانيتها, فهذا العمل إنساني وواجب على كل عامل صحي".

ويشدد بأن "تعزيز وتحسين الخدمات الصحية يكون بالاهتمام بالطواقم الطبية والصحية والتأهيل الجيد, وإقامة دورات تدريبية وإنعاشية, وورش عمل لرفع من مستوى الكادر الصحي".

 

الخدمات الصحية شبه منعدمة

ويؤكد المحامي انور ناصر السراري أن "الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين من قبل الدولة تعتبر شبه منعدمة وهذا وضع عام يشبه بقية الخدمات لذلك فإن الأزمة الذي تمر بها البلاد عكست نفسها على الخدمات الصحية، وبقية الخدمات".

ويضيف: "أصبح المواطن لا يقدر على تحمل الفحوصات وقيمة الدواء ليس هذا فحسب بل لا يستطيع أن يوفر الاحتياطيات الأساسية للعيش، فكيف قيمة الأشعة والفحوصات والأدوية فالوضع العام بالبلاد لا يقدر يتحمله المواطن, فالفقر والمرض أصبح يهدد حياة الناس, وهنا تقع على الدولة التحرك السريع في وقف تدهور العملة ورفع قيمة العملة المحلية، وزيادة رواتب الموظفين لكي يستطيع المواطن توفير الغذاء والعلاج لأسرته وأطفاله".

 

إهمال فظيع

فيما تؤكد الناشطة الجنوبية الأستاذة عياد مثنى محمد الشعيبي   أن: "السبب الرئيسي لتدهور الخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية هو عدم وجود أمانة وإخلاص في العمل، لأن الطب في وطننا عن البعض مجرد تجارة لكسب المال لا غير, رغم وجود أطباء ممتازين ويملكون الخبرة والانسانية ولكنهم قلة قليلة".

وتؤكد عياد أنه: "بظل الظروف الصعبة والتدهور الاقتصادي، قد تسوء حالة المريض, دون أن يكون بيده شيء يُقدم له, وأحيانًا يموت المريض لأنه لم يجد قيمة الدواء".

وتضيف: "كثير من الأشخاص الذي نعرفهم دخلوا المستشفى لإجراء فحوصات روتينية وبسبب إهمال الأطباء يموت المريض، فقد مات لي زميل قبل شهرين تقريبًا لم يكن يشكي غير صداع, ذهب للتأكد من الضغط، ولكن أراد له القدر أن يتحول إلى جثة هامدة بسبب الإهمال الفظيع الذي يوجد في بعض المستشفيات".

وأشارت إلى أن: "السبب الأكبر الذي يجعل الفساد يستشري في المرافق الصحية توظيف الخريجين الذين لا توجد لديهم خبرة ولا علم, غير أنهم حاملين شهادة فقط والكل يعرف بعد عام1990 م تأخذ بعض الشهادات بالغش والرشوة".

وتقترح عياد لتحسين الأوضاع الصحية: "الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بحياة المرضى والاهتمام بالنظافة، فالمريض لا يجد راحته في المرفق الصحي بسبب الإهمال وعدم النظافة والتي قد تزيد من تأزم حالته".

 

أين تذهب المساعدات ودعم المنظمات الدولية؟

ويضيف المواطن محمد صالح سعيد من العاصمة عدن: "يجتاح معظم المستشفيات الحكومية والخاصة الإهمال بحياة الناس لعدم وجود الرقابة والمحاسبة والمتابعة على المستشفيات وغياب مبدأ الثواب والعقاب, وهذا الإهمال والتساهل وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة منها اصابة المريض بأمراض معدية أخرى, أو حدوث عاهات مستديمة للمريض أو فقدان حياته بسبب خطأ طبي.. فعندما يتألم المريض يذهب رب الأسرة للصيدلية لشراء الدواء دون فحص, لأنه لا يقوى على تكاليف المعاينة والتحاليل والكشف, وإذا اضطر رب الأسرة لأخذ مريضه فإنه يستدين قيمة الكشف والتحليل والعلاج, ورغم كل تلك المعاناة لا يجد الرعاية والاهتمام".

وتابع: "خاصة المستشفيات الحكومية لا حسيب ولا رقيب على الطواقم الطبية ولا المسئولين"، متسائلاً: "أين تذهب المساعدات ودعم المنظمات الدولية بالأجهزة والمعدات والمستلزمات الطبية وخاصة الأدوية النادرة وغالية الثمن التي تدعمها المنظمات الدولية مجانا؟".

واستطرد: "بمجرد أن أذهب بابنتي للمستشفى يقال لي كملت كمية الادوية رغم أنه لم يمضي يوم أو يومين على وصولها, طبعا تذهب الأدوية للمحسوبية والفساد ونجدها تباع بالصيدليات والمستشفيات الخاصة وبمبالغ خيالة, ويحرم منها الموطن الغلبان الذي لا يكفي راتبه للقمة العيش".



شارك برأيك