آخر تحديث :الجمعة 29 مارس 2024 - الساعة:15:26:47
نصف شهر على سقوط مناطق بشبوة بيد ذراع إيران.. ما الذي تغير؟ لماذا سُلمت؟ وما السيناريو القادم؟
(الأمناء نت / خاص :)

كيف بدا مشهد تحالف الحوثي والإخوان واضحًا للعيان؟

لماذا اختفى بن عديو وسلطته عن المشهد؟

دعوات لإطلاق عملية عسكرية شاملة لتحرير شبوة

نصف شهر على سقوط مديريات بيحان الثلاث بمحافظة شبوة بيد الجماعة الحوثية الموالية لطهران، مرت كل تلك الأيام دون تحرك يذكر لاستعادتها، بل أصبح الجميع يتخوف من سقوط مناطق أخرى في الأيام القادمة، نتيجة الضعف الكبير الذي أظهرته السلطات الإخوانية التي تسيطر على المحافظة.

وسيطرت مليشيات الحوثي في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي على مناطق بيحان وعسيلان والنقوب ووصلت إلى مثلث السعدي الذي يربط عتق مع بيحان ومأرب دون معارك تذكر رغم وجود محور بيحان الذي يتكون من 7 ألوية.

عقب السقوط أو ما يسميه أبناء شبوة بالتسليم والاستلام بين الجماعتين الإخوانية والحوثية خرج محافظ المحافظة محمد صالح بن عديو، مهاجماً مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي .

ومنذ خروجه في ذلك اليوم غاب ابن عديو وسلطته عن المشهد، وكأن أمر هذه المناطق لا يعنيه وقواته، ضارباً عرض الحائط بكل المناشدات التي يطلقها ناشطون من أبناء المناطق المحتلة عقب بدء المليشيات تنفيذ مشروعها الطائفي في مدارس ومساجد المديريات.

ولا تبدو أن هناك نية للسلطة لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها المليشيات، فلا جبهات يتم ترتيبها ولا حشودا عسكرية تستعد لذلك ولا حتى حملات إعلامية تتحدث عن سقوط هذه المناطق وإمكانية استعادتها.

وعما حصل يقول الأكاديمي الدكتور حسين الدياني: "إن سلطة شبوة متواطئة بل عملت على تسهيل دخول الحوثي للمديريات الثلاث لمهاجمة مديرية الجوبة بمأرب، وهذا التواطؤ هو اتفاق سبق أن حذرنا منه قبل أسبوع من السقوط". مشيراً أن الحوثي "أكبر همه في الوقت الراهن هو إسقاط الجوبة من أجل تأمين خط الإمداد الرئيسي عبر عقبة المناقل التي ستتدفق من خلاله قوات الحوثي نحو الجنوب لفصل الجنوب، أي فصل عدن أبين عن حضرموت وشبوة".

وبين الدياني أن مليشيات الحوثي تتكبد خسائر من مقاتليها في الجوبة رغم عدم تحرك قوات شبوة لتحرير بيحان وقطع الإمداد من عقبة القنذع.

وأوضح الدكتور الدياني أن سلطة شبوة لم تتواصل بأي قبيلي أو شخصية اجتماعية أو أمنية أو عسكرية، بل صمتت صمت أهل القبور وكأن ما يحدث في بيحان لا يعنيها.

وعن السيناريو القادم قال الدياني: "المتوقع تسليم عتق للحوثي دون مواجهة، ومن خلال عتق خط العبر هو الطريق الآمن الذي سيطبق من خلاله الحوثي على صافر ومأرب، وبهذا ستتهاوى الجبهات في مأرب وتسلم لصالح الحوثي، وهذا الأمر يبدو متفقا عليه بين سلطة الإخوان في مأرب وسلطة شبوة والحوثي، مبيناً أن الهدف الرئيسي للمليشيات هو تأمين خطوط الإمداد من الجوبة".

وأشار الدياني أن "سلطة شبوة تهيئ الأمور للتسليم للحوثي، وهذا ما لاحظناه قبل سقوط المديريات الثلاث بشهر، لم تحرك ساكنا رغم سقوط الحازمية والصومعة بالبيضاء، والآن يتكرر المشهد في جبهة الصفراء لا توجد ترتيبات وإن أراد الحوثي الدخول سيدخل إلى عتق بكل سهولة كما حدث في مديريات بيحان".

 

وحذر الدياني من أن سقوط الجوبة بمحافظة مأرب سيجعل المليشيات تهاجم شبوة من عدة محاور قائلاً: "مرخة العليا مفتوحة، عقبة القوة وخورة مفتوحة، عقبة طفيل والقنذع تعزز بيحان، بمجرد سقوط الجوبة سيتم مهاجمة شبوة من أربعة محاور: مرخة العليا، خورة، القنذع، بيحان، مع تدفق القوات من عقبة المناقل الجوبة".

وعن خيانة محور بيحان لمأرب يقول الناشط السياسي أحمد فرج الخليفي، في منشور له: "أكبر كارثة وقعت على مأرب هي سقوط مديريات بيحان وعدم وجود مقاومة من قبل ألوية الجيش الوطني حتى مجرد إشغالهم وليس تحريراً".

وأضاف الخليفي: "أصبح الطريق آمنا لقوات الحوثي، والإمداد والزحف والحشد العسكري متواصلا نحو مأرب عبر بيحان، وهذا ما تحدث عنه الناشط عبدربه العولقي، حيث قال: "ألوية محور بيحان ذبحت مراد بطعنة غادرة غير متوقعة". وأوضح العولقي "لو أن هروبهم توقف على سيطرة الحوثي على بيحان الكارثة أخف، لكن كذا فتحوا الطريق لسيول الحوثي على مراد بالجوبة".

وتحدث لنيوزيمن المحلل السياسي نصر العيسائي، عن سقوط مناطق بمحافظة شبوة بيد مليشيات الحوثي قائلاً: "للأسف الشديد إن سلطات محافظة شبوة حتى الآن لم تتحرك بالشكل المناسب، ويبدو أن هناك مؤامرة نفذتها ميلشيات تابعة لحزب الإصلاح الإخواني في مديريات بيحان تشبه مؤامرة تسليم محافظة الجوف ونهم والبيضاء للمليشيات الحوثية المدعومة من إيران".

وأشار إلى أن عدم التحرك بالشكل المناسب من قبل السلطات المحلية في شبوة يضعها في دائرة الشكوك، مبيناً أنه من الواجب ترتيب الجهود وتوحيد الصفوف بين الجنوبيين حتى وإن اختلفوا سياسيًا لأجل تحرير بيحان ودحر ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران.

وأكد العيسائي، في تصريحه لنيوزيمن "أن التخاذل والتباطؤ في اتخاذ القرارات الحاسمة والتنازلات المتبادلة لأجل الوصول إلى تحرير الوطن سيكون له تبعات كارثية أول من يكتوي بها هم المتخاذلون أنفسهم، مشيراً أن الشعب الجنوبي وقواته المسلحة ومقاومته البطلة سيكون لهم دور حاسم لكل من يتعدى على الأرض الجنوبية".

 

حربٌ سياسية عسكرية عقائدية

فيما تأزمت الأوضاع السياسية، وبالأخص الأمنية في محافظة شبوة، جراء التكالب عليها من قِبل مليشيا الشرعية الإخوانية والمليشيات الحوثية، فقد تجدّدت المطالب الجنوبية بضرورة إطلاق عملية موسعة لإنقاذ المحافظة.

ومع كل أحاديث عن مساعي إنقاذ شبوة مما يُحاك لها وضدها، فإنّ التركيز ينصب على رجال النخبة الشبوانية وضرورة عودتهم إلى المحافظة لإعادتها إلى الجنوب من الاختطاف.

وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الماضية، لما تشبه ساحات كبيرة ثار خلالها الجنوبيون غضبًا مما تتعرض له المحافظة من أعباء لم يعد بالإمكان تحملها بأي حالٍ من الأحوال.

وفي رسائل واضحة، دعا الجنوبيون إلى إطلاق عملية عسكرية شاملة لتحرير أرضهم من الإرهاب الحوثي والإخواني في شبوة، وإنقاذ المحافظة الغنية بثروة نفطية ما يُحاك ضدها من قِبل العصابات التابعة للشرعية الإخوانية.

ولا شك أنّ تحرير شبوة سيكون عملًا مقدسًا يحمي المحافظة من أطماع القوى الغازية والمعتدية، كما أنّه يُشكل جدارًا صلبًا في مواجهة مساعي هذه الفصائل للتمدّد أكثر صوب العاصمة عدن.

ولعلّ المطالب بتسريع التحرك لإنقاذ شبوة، بدأت مع إقدام مليشيا الشرعية الإخوانية على تسليم مديريات بيحان إلى مليشيا الحوثي، في عملية تآمرية شيطانية فضحت حجم التكالب على الجنوب.

ضرورات إطلاق عملية عسكرية لتحرير شبوة من الإرهاب الحوثي الإخواني لا تقتصر على صعيد أمني فقط، إذ بات واضحًا مما جرى على الساحة في الأيام القليلة الماضية أنّ شبوة تتعرّض لما تشبه حربًا عقائدية تستهدف النيل من الهوية الجنوبية بشكل كامل.

حدث ذلك مثلًا في قطاع التعليم، فلم تكد المليشيات الحوثية تُسيطر على مناطق شاسعة من محافظة شبوة بتآمر مفضوح من قِبل الشرعية الإخوانية، حتى أظهرت سريعًا خبث نواياها "الطائفية"، فيما يخص إقدامها على استبدال أسماء المدارس بمسميات طائفية، إلى جانب فرض معلمين تابعين لها لنشر هذه السموم.

الأكثر من ذلك، أنّ مليشيا الحوثي الإرهابية أجبرت الطلاب في المناطق التي سيطرت عليها، على حضور محاضرات طائفية، أجبروا خلالها على ترديد ما تعرف بـ"الصرخة الحوثية".

إقدام المليشيات الحوثية على ارتكاب هذه الممارسات فضح حجم المؤامرة وفظاعتها، فتبين واضحًا أنّ مساعي التوغّل في الجنوب لا تقتصر على محاولة ضربه أمنيًّا أو سياسيًّا وحسب، لكن الأمر يشمل أيضًا جانبًا عقائديًّا.

هذا الواقع يستدعي من الجنوب موقفًا حازمًا، يُشهر سلاح الحسم عبر إطلاق عملية عسكرية تُطهِّر شبوة من دنس الاحتلال الحوثي الإخواني.

 



شارك برأيك