آخر تحديث :الثلاثاء 16 ابريل 2024 - الساعة:15:44:16
هل وفاة الطيار الصبيحي تحرك المياه الراكدة وتغلب الطاولة على رؤوس الأفاعي؟
يموت الأبطال في الجنوب قهراً بحثًا عن فتات "المرتب" ولصوص الشرعية يتسلمونه بالدولار عدًا ونقدًا!
(الأمناء / غازي العلـــــــوي:)

قادة بلاد ورموز وطن أكل الدهر من أجسادهم وشرب يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بحثًا عن الراتب

هل وفاة الطيار الصبيحي تحرك المياه الراكدة وتغلب الطاولة على رؤوس الأفاعي؟

من هو الطيار الصبيحي؟ وما دوره في حرب 94م؟

عندما يموت الأبطال قهرًا!

الأمناء / غازي العلـــــــوي:

لم يدر بخلد العقيد طيار/ عبدالعزيز علي محمد الصبيحي، وهو الذي أفنى حياته في خدمة الوطن محلقًا كنسرٍ أفرد جناحيه متصديا للرياح العاتية، وكخيلٍ يحاول امتطاء صهوة جبل أجرد للإسهام في رقي بلده وخدمة أبناء وطنه كأحد أبرز نسور الجو بعهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية - أن تكون نهاية حياته في إحدى الخيام وهو يتوسل راتبه المنقطع منذ قرابة نصف العام أمام بوابة معسكر قوات التحالف العربي بعدن، بعد أن أمضى أكثر من 75 يوماً مشاركاً في اعتصام العسكريين الجنوبيين المطالبين بحقوقهم .

مات العقيد طيار/ عبدالعزيز علي محمد الصبيحي حُرًا شامخا عزيزا لم يستجدِ أحدًا أو يتردد على أبواب منازل ومكاتب القادة والمسؤولين.. مات وهو واقف وقوف الشجر مطالبا بحقه كغيره من الآلاف من أبناء الجنوب الذين ذاقوا وما زالوا يذوقون ويلات العذاب والحرمان بعد أن مارست شرعية الوهم ضدهم شتى صنوف التنكيل والتجويع على مدى أكثر من ثلاثة عقود كجزء من حرب التجويع على الجنوب والجنوبيين.

 

من هو الطيار الصبيحي؟ وما دوره في حرب 94م؟

الفقيد عبدالعزيز محمد حسين الملقب بـ"الدامر" من مواليد 1967م متزوج ولديه عدد من البنين والبنات، أكمل الصبيحي دراسة الثانوية العامة بعدها التحق بكلية القوى الجوية والدفاع الجوي في العام 1987م بشهادة دبلوم تخصص هيكل ومحرك برتبة ملازم ثاني، بعد التخرج تم توزيعه على طيران الانتينوف السرب الرابع معسكر بدر.

بعد حرب اجتياح الجنوب 94م نقل للعمل في صنعاء على طيران الليوشن مهندس جوي ليتم بعدها تسريحه قسرا وهو برتبة عقيد.

ويقول زملاء دراسته ورفاق عمله أنه كان من أنبل الضباط في السلوك والانضباط، وقد شارك بقوة خلال حرب صيف 94م، وقاتل مع رفاق دربه حتى الأيام الأخيرة من الحرب .

 

ردود أفعال واسعة

وأثارت حادثة وفاة العقيد طيار/ عبدالعزيز الصبيحي، يوم الخميس، الماضي في مخيم اعتصام منتسبي الجيش والأمن الجنوبي أمام مقر التحالف بعدن، تعاطفا كبيرا، وردود أفعال واسعة بين متألم ومتحسر عن الوضع الذي وصل إليه من كانوا بالأمس أساس بناء المؤسستين العسكرية والأمنية في الجنوب وبين من يدعو إلى انتفاضة عارمة تقتلع كل الفساد وكل من يتلذذون بقوت المواطن ويتلاعبون بمرتبات العسكريين.

وطالب ناشطون يمنيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، بجعل قضية العقيد طيار المتوفى، قضية رأي عام، ”للفت الأنظار إلى قضية العسكريين والأمنيين في الجنوب الذين أصبحوا يتسولون حقوقهم المشروعة، بدلًا من تكريمهم على ما قدموه لبلدهم“ - على حد قولهم.

ودعا سياسيون وصحفيون إلى تناول هذه الحادثة وجعلها قضية رأي عام، تثير مظالم منتسبي الجيش والأمن الجنوبي، وكل المظلومين، والتحرك الفعال من أجل إنهاء معاناة هؤلاء.

 

الهيئة العسكرية: الصبيحي مات قهرًا

وقالت القيادة الميدانية للهيئة العسكرية العليا، في بيان لها، إن ”وفاة الصبيحي إثر نوبة قلبية جاءت إثر القهر والمعاناة وعدم القدرة على العلاج، وذلك بسبب توقيف المرتبات لخمسة أشهر متتالية من قبل حكومة الفساد والمتواطئين معها باعتبار المرتبات هي المصدر الوحيد لإعالة وإعاشة أسر الجميع“.

وحمّل البيان، الحكومة اليمنية ”كامل المسؤولية في وفاة الكثيرين قهراً بسبب حرمانهم من حقوقهم المشروعة ظلما وعدوانا وتعسفا“ - على حد تعبير البيان.

 

رسالة لمن يريد أن يفهم

وفي تعليقه على هذه الواقعة يقول د . عيدروس النقيب: "حملت وفاة الطيار الصبيحي رسالة عميقة الدلالة لمن يريد أن يتعلم قراءة التاريخ الجنوبي والثقافة والنفسية الاجتماعية الجنوبية، وفحواها أن أمثال الفقيد العقيد الطيار الصبيحي عشرات وربما مئات الآلاف من الجنوبيين لا يقبلون على أنفسهم الانصياع للابتزاز والخنوع لسياسات التجويع والتركيع، وأنهم على استعداد لتفضيل الموت جوعاً على الخضوع لناهبي الثروات وخاطفي السلطات وتجار الحروب والاجتياحات ومهندسي سياسات الاستباحة والنهب".

يضيف د . النقيب بالقول: "أن يشن خاطفو الشرعية اليمنيون حرب القذائف والخدمات وسياسات التجويع على الجنوب والجنوبيين فتلك مسألة مفهومة، إذ إن هؤلاء يعتبرون الجنوب هو العدو الأول لهم، أما العداء مع الحوثيين فهو مجرد مرحلة عابرة وفي الغالب حالة مسرحية لها أهداف مالية واستثمارية متبادلة بين الطرفين... لكن ما ليس مفهوماً هو السكوت المطبق لدول التحالف العربي على ما يمارسه هؤلاء تجاه الشعب الجنوبي من حروب متعددة، وهو الشعب الذي انتصر للمشروع العربي وحقق النصر الوحيد لصالح أهداف عاصفة الحزم ونحن نربأ بدول التحالف بأن تتصرف وكأنها تؤكد ما ينشره إعلاميو الإخوان والحوثيين بأن دول التحالف هي من يقف وراء آلام وكوارث ومعاناة اليمنيين في الشمال والجنوب".

 

الطيار الصبيحي لم يمت ولكنهم قتلوه!

(الطيار الصبيحي لم يمت ولكنهم قتلوه) بهكذا عبارة علق الكاتب السياسي أحمد عمر حسين على وفاة العقيد  طيار/ عبدالعزيز الصبيحي ويضيف بالقول: "نعم لم يمت الموتة الطبيعية, ولكنهم قتلوه عمدا وإصرارا وهو معتصم في المخيم من أجل حق مستحق وهو الراتب المكفول قانونا وشرعا بعد خدمات طويلة وجليلة.. أجل قتلوه قهرًا وكمدًا بساديتهم وفاشيتهم البشعة والمتجردة من الأخلاق من خلال جعل ملف الرواتب ملف تلاعب وابتزاز سياسي حقير".

يشير السياسي أحمد عمر حسين في حديثه لـ"الأمناء" بأن الشهيد العقيد الطيار عبدالعزيز الصبيحي (الدامر) قد قتل مثلما قتل الآلاف من أبناء الجنوب وإن تعددت الوسائل إلا أن القتل واحد، سواء بالحرمان من الخدمات أو بقطع المرتبات أو بقمع التظاهرات السلمية أو الاغتيال بالرصاص.

 

الشرعية وسياسة الانتقام والعقاب الجماعي

الناشط السياسي والإعلامي ياسر اليافعي يرى بأن ما يتعرض له أبناء الجنوب من تنكيل وحرمان من أبسط الحقوق يأتي ضمن سياسة العقاب الجماعي الذي تنتهجها الشرعية، وهو أيضا عقاب على فشلها في الشمال.

ويضيف اليافعي بالقول: "تريد هذه الشرعية الانتقام من الجنوب المنتصر من خلال إذلاله وقطع الرواتب والكهرباء عنه، ولسان حالهم يقول: إما موتوا قهر أو اسمحوا للحوثي بالعودة، وكلنا في الهوا سوا!".

ويضيف بالقول: "طبعاً إذلال الجنوب ليس مستغربا من قوى الشمال النافذة والفاشلة، ولنا تجربة معهم بغدرهم باتفاقية الوحدة واتفاقية العهد والاتفاق واجتياح الجنوب بالقوة واستعماره وتقاسم ثروته بين هذه القوى بحسب اعترافات علي محسن وعلي عبدالله والرئيس هادي نفسه، بل إن علي محسن الأحمر كان ضد تحرير عدن في العام 2015م. والذي يستغربه المواطن في الجنوب تماهي التحالف مع فشل الشمال، ورضاه عن تعذيب أبناء الجنوب الذين انتصروا له خلال ثلاثة أشهر فقط، وقطعوا يد إيران من أهم الممرات الدولية في العالم، وأمّنوا كل السواحل الجنوبية وصولاً إلى الحديدة " .

وختم الزميل ياسر اليافعي حديثه بالقول: "الناس في الجنوب وتحديداً في عدن تعبت، وغياب الأمل يدفعهم إلى التعبير عن غضبهم ومخاوفهم بالطرق التي يرونها مناسبة، خاصة أن الأمر وصل حد المساس بكرامتهم، بعد كل الانتصارات التي حققوها وبعد أن كان أملهم في التحالف يعانق السماء، اليوم وبعد 6 سنوات من عاصفة الحزم يفتقدون إلى أبسط مقومات الحياة، ومنهم من مات قهراً وهو ينتظر راتبه".



شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل