آخر تحديث :الاربعاء 17 ابريل 2024 - الساعة:00:03:04
مستقبل الفرقاء اليمنيين في ضوء المتغيرات على الساحة  (الخاسر والرابح) ..
هادي واللعب على كعكة الأحزاب والنفوذ.. هل سيخرجه من المشهد بخفي حنين؟
(الأمناء / صدام محمد الردفاني :)

كيف ستكون نهاية الإخوان بعد أن خسروا الداخل والخارج؟

"اتفاق الرياض" رجح كفة الميزان لصالح الانتقالي بتثبيت حق الجنوب في الحُكم

 

الأمناء / صدام محمد الردفاني :

في ظل المتغيرات التي تجري على الساحة اليمنية من شد وجذب بين الفرقاء المحليين، ودخول القوى الإقليمية في خط الصراع المحتدم منذ خمس سنوات بعد إعلان عاصفة الحزم، يبدو أن الفرقاء اليمنيين المحليين قد تقاسموا النفوذ على الأرض، فكل فريق استطاع أن يأخذ جزءًا من الجغرافيا ينفذ أجندته فيها ويلعب فيها وفق مبدأ  "من يمسك الأرض يبقى فيها".

ومن هذا المنطلق مارس كل فريق لعبته ورمى بأوراقه لكي يحط لنفسه مكانة  لأي تسوية سياسية قد تترتب وتنهي الحرب الدائرة هناك.

 

الحركة الحوثية ومستقبلها السياسي

في ظل  المنعطفات التي تجري في الأزمة اليمنية، ظل الحوثيون متمسكين بخيار القوه لفرض إرادتهم وتثبيت مستقبلهم في الجزء الشمالي من الوطن، فنجحوا في إبقاء مناطق الشمال تحت قبضتهم الحديدية حتى الآن، بل إنهم استطاعوا أن ينتزعوا أجزاء من محافظة مأرب ومدينة ردمان بالبيضاء ومواقع استراتيجية في جبهة نهم شرق صنعاء من جماعة الإخوان بعد سيطرتهم على مدينة الحزم مركز محافظة الجوف التي ظلت لخمس سنوات تحت سيطرة الإخوان.

لكنهم في المقابل خسروا الجنوب، وخاصة العاصمة عدن، بعد ستة أشهر من انطلاق عاصفة الحزم، واستطاعت القوات الجنوبية تحرير كامل المحافظات الجنوبية من قبضة الحوثيين وإبعادهم من مناطق التماس، كما هو حاصل في جبهات الضالع التي نجحت فيها القوات الجنوبية من التوغل داخل العمق الشمالي وتحييدهم من الحدود الجنوبية للمحافظة، الأمر لم يقتصر على محافظة الضالع فحسب، فالقوات الجنوبية استطاعت دحر الحوثيين من الساحل الغربي ومن باب المندب،  ووصلت إلى وسط مدينة الحديدة الساحلية ولم يتبقَ بينها وبين مينائها إلا عدة كيلومترات. غير أن  تداخل المشاريع الدولية أفضت للضغط على التحالف العربي والقوات الجنوبية لوقف التقدم والسيطرة على مينائها الاستراتيجي .

 

حظوظ الإخوان في البقاء

في المقابل يخوض الإخوان في اليمن مخاضًا عسيرًا لإبقاء نفوذهم وتمركزهم كأحد الأحزاب السياسية القوية والمنتشرة على مستوى اليمن شماله وجنوبه. لكن تلك المحاولات باتت بالفشل والخذلان، فحزب الإصلاح المنظوي تحت الشرعية اليمنية أصبح مشتتا في عواصم الارتزاق يبحث عن هوية له لكي يستقيم عليها.

فالإصلاحيون باتوا منبوذين داخليا من عامة الشعب، ليس لديهم أوراقًا يلعبون بها أو جغرافيا يسيطرون عليها غير  ”تعز ومأرب“ المدينتان، الذي  بات الحوثي مطوق عليهما من كل اتجاه كمتحكم  لإقراع طبول  الحرب فيهما بين الحين والآخر.

إن عامل الخسارة تعزز "أكثر" خاصة عندما وجه الإصلاح جل تركيزه على إعادة  تحرير المحرر، وفتح بذلك عداوة مع الجنوبيين الذين يتحكمون بمقص الجبهات مع الحوثي، وصاحب الانتصارات الذي بات التحالف والقوى السياسية اليمنية الأخرى  تدرك ذلك وتتقرب إليه كونه الأكثر مصداقية في خوض الحروب التي توجت  بتاج النصر.

في المقابل عدم وجود حاضنة إقليمية للإخوان خاصة مع الأحداث الأخيرة والتي أظهرتهم في حلتهم الصافية بأنهم وراء مشاريع إقليمية تحاول النيل من استقرار الدول العربية وزرع الخراب فيها عبر أذرعها في المنطقة وبالتعاون مع إيران التي باتت على وئام تام ومكشوف مع تركيا "أم الطفيليات".

 

الانتقالي الأكثر حظا

بين الحوثيين وبين الحكومة الشرعية، التي يسيطر عليها الإخوان، برز المجلس الانتقالي الجنوبي كطرف ثابت في المعادلة اليمنية، فالجنوب  بمقاومته وشعبه وقف في صف التحالف العربي منذ الطلقة الأولى للحرب، فأصبح شريكا صادقا وفاعلا، واستطاع تكوين قوة مسلحة تحفظ مصالح الجنوبيين ومكتسبات التحالف، وبذلك شارك في جبهات القتال وكان صاحب النصر دوما.

"اتفاق الرياض" الذي وقع بين وفد الانتقالي والشرعية اليمنية في الرياض أصبح عامل ربح  للانتقالي دبلوماسيا، حيث أعاد له فتح نوافذ خارجية مع دول الرباعية ودول الإقليم، وبات الانتقالي ممثل الجنوب الفعلي داخليا وخارجيا، وهذا ما  أقض مضاجع قوى النفوذ اليمني من حوثيين وإصلاحيين، الذين تحالفوا للنيل من الجنوب ومقاومته.

 

المؤتمر.. حقنة تحت الجلد

استطاع حزب المؤتمر الشعبي العام، جناح صالح، أن يحافظ على نفسة كأحد الفرقاء اليمنيين المهمين لأي تسوية سياسية قادمة، فالمؤتمر له نفوذه على الساحة اليمنية، فهو لديه أذرع في الشرعية تتعامل مع الرئيس هادي سياسيا، ولها وفاق تام مع شرعية هادي، لكن في المقابل توجد قوات على الأرض تنتشر في الساحل الغربي بقيادة طارق عفاش، ابن عم الرئيس صالح الذي  قتل في الـ 4 من ديسمبر 2017م على يد  الحوثيين بعد خلاف على النفوذ أفضى في النهاية لمقتله.

القوات التي تتبع طارق عفاش تنضوي كقوة محسوبة على المؤتمر الشعبي، لكنها في المقابل لا تعترف بشرعية الرئيس هادي، وما زالت تتلقى بناءها وتدريبها بدعم قوات التحالف العربي الذي يشرف على مسار العمليات العسكرية في اليمن بشكل عام.

إن المؤتمر لديه عامل ربح من خلال امتطائه قلادة الشرعية وكقوة ردع لمجابهة الإخوان في الشمال الذي يتقاسم نفوذه الحوثيون والإصلاحيون، فوجود المؤتمر في الشمال عامل مطمئن للتحالف العربي الذي يخشى من تأثير الإخوان على المدى المنظور.

في خضم ذلك يبدو أن مسار الحرب في اليمن قد صار نحو منعطف متعرج ومنحدر ضبابي، قد تبدو فيه الأمور في ميزان وقف الحرب وتسوية سياسية برعاية إقليمية، وهذا ما تحتاجه السعودية بعد خمسة أعوام من الحرب أوصلت المملكة نحو طريق مسدود بعد انغلاق الأفق الميداني في سير المعارك خاصة بعد اعتماد النظام السعودي على قيادات ظلت تبيع الوهم للأسرة الحاكمة.

وما حملة العزل لقيادات في القوات المشتركة التي جرت خلال الأيام الماضية غير بعيدة عن حالة الطقس الدافئ الذي شاب جبهات القتال والملف اليمني برمته من إخفاقات وفشل ذريع تتحمله المملكة، حين ارتكنت  بكل ثقلها على حكومة منقسمة لمشاريع إقليمية تعمل على إفشال دور الشرعية في اليمن خدمة للمشروع القطري وتعطيل أي توافق جنوبي مع التحالف لإفساح المجال للفوضى الخلاقة التي بدأت طبولها تُقرع من باب شبوة عبر مسؤولي الحكومة الشرعية.

وبين الحكومة الشرعية بقيادة هادي وحزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح يبقى الانتقالي ممثل الجنوب الشرعي مع المكونات الجنوبية الأخرى مقابل الشمال، وهذا الثقل يبدو أنه يسير نحو منعطف متعرج ومنحدر يطمح فيه الانتقالي لإعادة الاعتبار لهوية الجنوب وتاريخه وإرثه كدولة مستقلة بحجمها الطبيعي الأصيل وشوكة ميزان يرجح كفة آمال المواطن الجنوبي لحلمه المنشود الذي ظل مغيبا ومَغتصبا من قوى ونفوذ الشمال عبر تمرير شخوص وشخصيات سياسية محسوبة على الجنوب دأبت على تجهيل وطمس كل ما يتعلق بالجنوب كدولة مستقلة ذات سيادة.



شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل