شهدت ساحة ميدان السبعين في صنعاء والشوارع المحيطة بها، أمس السبت، حشوداً مليونية كبيرة خلال المهرجان الجماهيري الكبير تأييداً ومباركة للمجلس السياسي الأعلى المنبثق عن توافق الانقلابيين.
وطالبت المليونية الضخمة التي تمت في ميدان السبعين بصنعاء التي اتخذها الانقلابيون عاصمة لانطلاقهم، تحت قيادة الرئيس المخلوع صالح، الذي أعلن عنها في وقت سابق، بالاستقلال الناجز، والانعتاق من الوصاية الخارجية على البلاد.
وقال مراقبون ومحللون سياسيون أن هذه الدعوات بمثابة ممارسات تعمق وتجذر للانفصال، وتعيد اليمن إلى وضعه السابق ما قبل العام 90م، بحكومتين وبرلمانيين ورئيسين، مضيفين: بأن هذا تكريس واقعي على الأرض للانفصال التام، والذي سيكون له تداعيات خطيرة تفرض مسلمة اليمنين، لا اليمن الواحد.
وشددَّ المحللون في قولهم: "لقد نشأ حراك شمالي عام، بعد اتفاق الفرقاء الانقلابيين"، متبعين قولهم: "إن الحراك الشمالي بقيادة المخلوع صالح، بات اليوم يستند في الانفصال وفكِّ الارتباط بالشرعية الجماهيرية"، حسب وصفهم.
ووصل صالح الصماد ممثل الحوثيين إلى منصة ميدان السبعين وبمعيته أعضاء المجلس السياسي الأعلى، وجلس إلى يسار الرئيس الصماد رئيس مجلس النواب يحيى الراعي، وإلى يمينه القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء طلال عقلان.
وامتلأت المنصة بقيادات الانقلاب والقيادات العسكرية والأمنية والشخصيات السياسية والاجتماعية من مختلف محافظات الجمهورية، وممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية.
وأظهرت الصور ازدحام الشوارع المؤدية إلى ميدان السبعين, ولجوء المتظاهرين إلى السير على الأقدام للوصول إلى ساحة السبعين التي امتلأت عن آخرها بحشود غير مسبوقة تثبت توجه الشارع العام في الشمال واعتناقه المبدأ العام في الانقلاب.
نعمان: وضع انقسامي
وبهذا الخصوص، قال السفير اليمني في "بريطانيا" ياسين سعيد نعمان :" لو أن الانقلابيين يحترمون فعلا إرادة الجماهير ويؤمنون بأنها أداة التغيير الحقيقية لما لجأوا إلى السلاح لاغتصاب السلطة!".
وأضاف "نعمان" : "ما الذي يجعل صاحب الجماهير العريضة يلجأ إلى الانقلابات العسكرية وإلى استعراض القوة وتفجير الحروب؟ ألم تكن البلاد قد حسمت أمرها بالعملية السياسية السلمية وبالحوار وبقي على الجميع الانتظار ليقول الشعب كلمته فيما تم الاتفاق عليه".
وتابع : " لماذا فضلوا السلاح على الجماهير؟ هذا هو السؤال الذي سيظل حاضرا في ضمير ووجدان الشعب اليمني ليفسر حقيقة هذه التجمعات التي يحاول الانقلاب أن يتخفى وراءها ".
وأكد أن لا وجود للمودة بين الإنقلابيين والجماهير سوى أنهم كما سخروا منها بالأمس وقمعوها بالقوة فإنهم يواصلون سخريتهم منها بتوظيفها في حروبهم الانتقامية بتجمعات مناطقية في تماس طائفي واضح حسب ما تمليه الحاجة العسكرية والسياسية .
وأفاد : " لا يعبر المشهد اليوم في صنعاء بعد كل ما صنعه ويصنعه اغتصاب السلطة عسكريا من دمار في كل أنحاء اليمن إلا عن حقيقة واحدة وهي أن الانقلاب قد أفرز وضعا انقسامياً يجري فيه الاستعانة بكل مكونات ما قبل الدولة الوطنية في جزء من البلاد عسكريا وجماهيرياً لتدمير الجزء الأكبر منها كما يحدث في تعز وبقية أنحاء اليمن ".
ودعا "نعمان" بقوله : " لنتأمل ما يحدث جيداً لكشف أوراق اللعبة التي أصبحت مكشوفة وأن الطائفية السياسية كشفت عن ساقيها اللتين صنعتا طوال خمس وثلاثين سنة من الحكم بالخصومة تارة وبالتحالف تارة أخرى .. ونكتشف فوق هذا كله أن السبعين يُسحب خارج تاريخه".
مهاجمة المبعوث الأممي
وأعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى "صالح الصماد"- أمس السبت - الشروع في تشكيل الحكومة اليمنية خلال الأيام المقبلة، واستكمال سد الفراغات السياسية بما يعزز اللحمة الداخلية ويدعم صمود الشعب اليمني في مواجهة عدوان الاحتلال، حسب قوله.
وقال في كلمته أمام الحشود المليونية في ميدان السبعين بصنعاء والمؤيدة للمجلس السياسي الأعلى : "نعتزم البدء بتشكيل الحكومة خلال الأيام القليلة القادمة، كما ندعوا مجلس النواب إلى مواصلة أعماله والمساعدة في مواجهة التحديات خلال هذه المرحلة التي يواجه فيها شعبنا عدواناً غاشماً."
ووضع الاقتصاد على صدارة أولوياته، واعتبر الصماد أن تشكيل المجلس السياسي والاتفاق السياسي بين القوى الوطنية أتى لسد الثغرات التي يحاول الأعداء النفاذ منها بعد أن عجز عن تحقيق تقدم في الميدان.
وهاجم في كلمته المبعوث الأممي الذي وصفه بـ"العاجز"، قائلاً : "من عجز عن انتزاع تصريح للطائرة لكي تعود بالوفد الوطني فهو أعجز عن انتزاع حقوق الشعب اليمني وعن انتزاع السلام".في إشارة إلى ولد الشيخ.
رفض لقاء «ولد الشيخ» في عمان
إلى ذلك، قال عضو في وفد حزب صالح اليوم السبت، أنهم مع أعضاء وفد جماعة الحوثيين اعتذروا عن لقاءهم بالمبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، في العاصمة العمانية مسقط.
وأضاف ياسر العواضي القيادي البارز في حزب صالح في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بأن الوفدين تشاورا مع ما يُسمى بـ«المجلس السياسي»، واشترطا بأن يكون اللقاء في العاصمة اليمنية صنعاء.
وكان من المفترض، وفق مصدر في جماعة الحوثيين، أن يلتقي المبعوث الأممي في مسقط اليوم، بوفد الحوثي ـ صالح التفاوضي، للتحضير للجولة المرتقبة من مشاورات السلام التي من المقرر أن تنطلق بعد شهر من رفعها في الكويت، حسبما أوردت وكالة «الأناضول».
ويقيم أعضاء الوفدين في العاصمة العمانية، بعد أن منعت قوات التحالف تسيير الرحلات الجوية إلى مطار صنعاء.
هادي: العمليات العسكرية مستمرة
وفي وقت سابق من هذا قال الرئيس عبدربه منصور هادي ، إن العمليات العسكرية التي تشنها القوات الحكومية، سوف تتواصل ضد مسلحي جماعة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق.
وأضاف هادي خلال لقاءين منفصلين بسفراء الدول الـ18، ومساعدة وزير الخارجية الأمريكي ان باتيرسون، في العاصمة السعودية الرياض، بأن «الانتصارات المحققة في هذا الإطار ستتواصل حتى يتم تطهير الوطن من شرور هذه الجماعات».
وطبقاً لما أوردته وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، فإن الرئيس هادي جدد تأكيده، على أن الحوثيين وصالح، يسعون لنقل التجربة الإيرانية في اليمن، وهذا ما تسعى القوات الحكومية لإيقافه.
وأضاف : «المساعي التي بذلتها الحكومة والدول الـ18، والتي كان آخرها مبادرة وورقة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ في الكويت ورفضها الانقلابيون، هي تحدي سافر للمجتمع الدولي وقرارات الأمم المتحدة».
وأشار هادي إلى أن الحوثيين أوصلوا الوضع الاقتصادي في البلاد، إلى وضع مأساوي نتيجة عبثهم بموارد الدولة وتجييرها لمصلحة مجهودهم الحربي.
جلسة للبرلمان في مأرب
قال رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن دغر:" إن جلسة قريبة للبرلمان اليمني ستُعقد في محافظة مأرب (شرق العاصمة صنعاء)، أو أي منطقة أخرى، وذلك رداً على الجلسة التي عقدها نواب برلمانيون بطلب من الحوثيين".
وتحدث بن دغر لـ«الشرق الأوسط»، بأن حزب المؤتمر لم يعد يدعم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقال :"معظم أعضاء حزب المؤتمر مع شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وضد الانقلاب".
وأضاف بأن ثلثي فروع الحزب تقع في المناطق المحررة، ولا توجد بها أي سلطة لصالح أو الحوثي.
وأشار إلى أن العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات التحالف في اليمن سوف تنتهي مع التوصل لحل سياسي مشرف أو نصر كامل، مشيدا بالدور السعودي في التعامل مع الأوضاع في بلاده.