لعبت المرأة الريفية والمرأة الساحلية في ضواحي محافظة عدن دورا تنمويا فاعلاً في التجربة التنموية الاجتماعية للحكومة الوطنية في الجنوب منذ السبعينيات حتى أواخر الثمانينات وتحررت المرأة اقتصاديا في الريف الزراعي والساحلي من تخلف وظلم الاقتصاد المنزلي والأسري القبلي وتغيرت ملامحها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأصبحت عضوا فاعلا في المجتمع ومندمجا في التنمية الاجتماعية الشاملة وبعد عام 1990م انحسر نشاطها وعادت لها التقاليد الاجتماعية الأسرية والقبلية والعائلية من جديد ووجدت للأسف من يغذيها على المستوى الحكومي الرسمي والقبلي والمناطقي وتحولت المرأة الريفية والساحلية من جديد تحت سلطة المجتمع الذكوري القبلي الأسري والعائلي المتخلف من جديد وحرمت التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة من إحدى أطراف معادلة التنمية في الوطن وطغت النظرية الدونية المتخلفة على المرأة.
تحديات حقيقية
واليوم في عدن المحررة هناك الكثير من التحديات التي تواجه المرأة الريفية والساحلية في قرى بئر أحمد ومصعبين ودارسعد ومناطق البساتين في دارسعد .. هذه المناطق التي كانت في يوم من الأيام في أواخر الخمسينات وحتى الثمانينات سلة غذاء لعدن وأمنها الاقتصاديين بفضل فلاحة المرأة الريفية وعمل المرأة الساحلية في قرى عمران وفقم والخيسة والحسوة، بالإضافة إلى هذه التحديات هناك انحسار واضح بعد الحرب الظالمة التي دمرت جميع مباني وأصول ومحتويات المشاريع التنموية النسوية الريفية والساحلية النائية في محافظة عدن فضلا عن الانحسار الملحوظ لدوائر التنمية الريفية في مكاتب الزراعة في المحافظات الجنوبية ومن بينها : لحج وعدن وأبين .
المرأة الريفية وجلباب التقاليد المتخلفة
ولاستجلاء دور المرأة الريفية في عدن والمحافظات الجنوبية والساحلية المجاورة لعدن واتحاداتها وجمعياتها النسوية ومنظماتها الاجتماعية التقينا الأخت القائدة النسائية في محافظة أبين رئيسة اتحاد النساء في المحافظة / آمنة محسن والتي كشفت أن دور المرأة الريفية والساحلية بدأ ينحسر كثيرا بعد عام 1990م واشتد بعد الحرب الأخيرة فانحسر نشاطها الاقتصادي الزراعي وحتى الساحلي من خلال الاستحواذ على الأراضي الزراعية والساحلية وتحويلها إلى كتل إسمنتية وانحسر دورها الصناعي السمكي من خلال توقف مصنع شقرة الساحلي والاستحواذ على محتوياته وأصبحت عاملات المصنع قابعات في منازلهن مشكلين عبئا اقتصاديا على أسرهن ، وعادت من جديد إلى سجن التقاليد البالية ، ومضت تقول :"لا تزال المرأة الريفية والساحلية في المحافظات الجنوبية كأبين وعدن ولحج على وجه الخصوص لازالت المرأة الريفية فيها تعاني من الضيم والقهر والدونية فلا يوجد هناك مدارس للبنات في كثير من المناطق الريفية في أبين وحتى في القرى النائية في ضواحي عدن ولا يوجد توظيف للبنات في تلك المناطق لتشجيعهم ولا تزال تذهب المرأة إلى البئر لجلب الماء وإلى الصحراء لرعي الأغنام والإبل ولجلب الحطب وتسهم مع الأسرة في تربية المواشي إلى جانب خدمة المنزل وتربية الأولاد وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة الساحلية التي تم تدمير جميع مشاريعها الساحلية الخاصة بمشاغل الحرف الصناعية من الأصداف والأحياء البحرية وأشباك الاصطياد ونهب وتدمير مصانع ومجمعات ثلاجات حفظ الأسماك وتوقف عمل العاملات الساحليات فيها والورش الفنية والحرفية التي مولتها مشاريع الأسماك الخمسة الممولة من الاتحاد الأوروبي وهي قروض على حساب الدولة حيث أصبحت بعد الاهمال قبل الحرب والتدمير بعد الحرب في حكم المثل القائل : حضارة سادت ثم بادت".
ومضت القائدة النسائية الأبنية تقول :" لا تزال هناك عوائق وصعوبات تواجه المرأة الريفية والساحلية والمرأة بشكل عام سواء في حرمانها من تبوأ المواقع القيادية لصنع القرار أو حتى في مجال تبوأها قيادة دوائر التنمية الريفية والساحلية في مكاتب وزارة الزراعة في تلك المحافظات إذ تعرضت مكاتب دوائر المرأة ومحتوياتها للدمار الشامل في الحرب، فضلا عن أنها تعاني من عدم الحصول على الميزانيات التشغيلية ".
السلطة المحلية ودورها
وطالبت السلطات المحلية في المناطق الريفية والحضرية والتحالف العربي الإسهام في حل مشاكل المرأة الريفية والساحلية والاهتمام في تلك المناطق بالمياه والكهرباء ومعالجة أوضاع الناس فمعظم الناس هناك بدون رواتب وبالذات النساء الريفيات في التعاونيات الزراعية والسمكية والمصانع التي خصخصت مثل مصنع شقرة السمكي أو مصنع الطماطم في الفيوش وهي مصانع كانت ناجحة، وبعد خصخصتها تم الاستحواذ عليها بصورة غير قانونية وطردت عاملات المصانع إلى الشارع وحتى الآن بدون رواتب والأمر كذلك بالنسبة للعاملات في المزارع وهذا الأمر كبل طاقة المرأة الريفية وتحولت إلى عبئ اقتصادي على الأسرة والمجتمع بدلا من أن تكون عنصرا منتجا وتتحسن ظروفها الاقتصادية وتسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية الريفية والساحلية.
وطالبت رئيسة اتحاد نساء أبين المسؤولين في الاتحادات الزراعية والسمكية والسلطات المحلية ان تقوم بدورها المطلوب وخلق توازن حقيقي بين السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني النسوية في الريف والساحل في المحافظات الآنفة الذكر.. كما طالبت دول التحالف والحكومة بإصلاح ما دمرته الحرب وتضررت منه المرأة الريفية والساحلية والمساهمة في التنمية الريفية.
أما الأخت / جواهر علي حسين منصور ، المدير التنفيذي لبرنامج الاتحاد الأوروبي للتموين الأصغر الذي يستهدف المشاريع الصغيرة النسوية الريفية في أبين والتي تعرضت منشآته ومحتوياته لتدمير الحرب وبدأ يلملم جراحه ويستأنف نشاطه قالت :"إن هذا البرنامج يستهدف الأسر الريفية الفقيرة في المناطق الريفية مثل : أحور في أبين والشحر في حضرموت إلى جانب زنجبار وخنفر والروى والخاملة والميوح وبئر الشيخ والديو في أبين وكذلك يركز اهتمامه على المناطق الزراعية في محافظتي حضرموت وأبين".
البرنامج الأوروبي والمشاريع الأصغر
وأضافت تقول :" إن البرنامج دعم ولازال يدعم الصناعات الحرفية الريفية من خلال التدريب والتأهيل للمرأة الريفية والساحلية وتقديم القروض في مجالات صناعة الحرف وبالذات في عسل النوب وكذلك الانتاج الزراعي وكذلك في مجال منتج التعليم للمرأة الريفية وإكمال دراستها ، وكذلك في مجالات الخياطة وصناعة الحلويات والمأكولات وفي مجال الاستثمار الصيدلي وعلاج الأعشاب وفتح أماكن للتصوير النسائي والعائلي وفعلا تحسن حياة المرأة الاقتصادية وظروفها الاجتماعية وكذلك في فتح بيع أسواق للأسماك للمرأة الساحلية في شقرة ، والشيخ عبدالله ( اسم منطقة ) وأصبحت المرأة تبيع في السوق وتعرض منتجاتها الزراعية مباشرة في السوق ".
وطالبت السلطة المحلية ومكتب الزراعة بدعم دوائر تنمية المرأة الريفية في المناطق الريفية والساحلية لأن تشجيعهن للعمل سيحررهن اقتصاديا وبالتالي ستتغير ملامح المجتمعات المحلية النسوية الريفية والساحلية نحو الأفضل ودعمهن بالمال والماء والكهرباء والديزل وفتح المزيد من المؤسسات التعليمية والفنية الحرفية لتأهيل المرأة هناك".
التزام دائرة تنمية المرأة أولا..
الأخت "لولة سبيت" المختصة بتنمية المرأة الريفية أوضحت عددا من الصعوبات التي تواجه تنمية المرأة الريفية والساحلية أبرزها : " عدم التزام بعض إدارات تنمية المرأة الريفية في مكاتب الزراعة في المحافظات الجنوبية بموافاة الإدارة العامة بخططهم وبرامج عملهم وتقاريرهم سواء الفصلية منها أو السنوية بانتظام ، و صعوبة التواصل مع بعض هذه الإدارات لعدم وجود وسيلة اتصال مباشرة بها ، وعدم القدرة على الوصول إلى جميع منتجات المرأة الريفية في المحافظات بشكل مستمر ، وعدم استيعاب وتفهم المجتمع للدور الاقتصادي الذي تلعبه المرأة الريفية والساحلية من خلال الأنشطة التي تقوم بها على مستوى الأسرة والحقل ، وعدم وجود ميزانية مخصصة لإدارة المرأة الريفية في المحافظات مما يؤدي إلى عدم تمكينهن من إنجاز عملهن حسب الخطة والبرنامج المعد".