خلال هذه الأيام وعقب تحرير المحافظات الجنوبية من مليشيات الانقلابيين، يتم إغراق الأسواق الشعبية ومعظم المحلات التجارية وأرصفة الشوارع في المدن الجنوبية المحررة بالمواد الغذائية المنتهية الصلاحية والفاسدة، مما يؤدي إلى تعرض الكثير من المواطنين لحالات تسمم غذائي جراء تناولهم لتلك المواد الغذائية، فتمتلئ المستشفيات والمستوصفات والعيادات الطبية بالعديد منهم خاصة المستهلكين الذين يصابون بحالات تسمم غذائية حادة، قد تودي بحياتهم، حيث يستغل التجار الجشعون ظروف المواطنين الصعبة وقلة وعيهم، للترويج لبضاعتهم الفاسدة والبائرة وبيعها عن طريق الباعة المتجولين وبعض المحلات التجارية، فيقع المستهلك اليمني في فخ الغش والتضليل والسموم القاتلة دون علم منه بالأضرار التي قد تنتج له بسبب تناوله للمواد الغذائية الفاقدة للجودة وغير المطابقة للمواصفات والمقاييس، نتيجة لغياب التوعية الإعلامية بأضرار ومخاطر استهلاك المواد الغذائية المنتهية الصلاحية.. وفي ظل غياب دور الجهات المختصة وفي مقدمتها وزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها بالمحافظات الجنوبية في التصدي للتجار الجشعين الذين يبيعون السموم.
"الأمناء" في تقريرها التالي تسلط الأضواء حول هذه الظاهرة الخطرة المتمثلة بانتشار وبيع المواد الغذائية الفاسدة وما تنتجه من أضرار ومخاطر على حياة وصحة المستهلك ، فإلى التفاصيل:
إغراق الأسواق
وعن الموضوع ، تحدث إلينا "سهيم غالب" بقوله : "من الملاحظ أنه يتم إغراق أسواقنا المحلية بالمواد الغذائية الفاسدة بصورة دائمة من قبل بعض المستوردين والتجار اليمنيين سعياً وراء الربح الحرام على حساب وسلامة المواطنين من ذوي الدخل المحدود الذين يغريهم رخص أسعارها ، وهذا يدل دلالة واضحة على فقدان هؤلاء المستوردين والتجار للضمائر وللروح الوطنية المسؤولة وانعدام الوازع الديني من نفوسهم ، وإلى عدم قيام الجهات ذات العلاقة بتفعيل القوانين المنظمة لعملية الاستيراد وتسويق البضائع ومختلف أنواع المواد الغذائية ".
وأضاف : " يقوم التجار من الجشعين في مدينة عدن خاصة ، وفي بقية المحافظات الجنوبية عامة بإنزال المواد والسلع الغذائية الفاسدة إلى الأسواق وتوزيعها على العديد من محلات البيع بالجملة ومحلات البيع بالتجزئة وعلى الباعة المتجولين ، كما يقوم البعض إن لم يكن أغلبية التجار بمسح تاريخ انتهاء السلعة واستبداله بتاريخ جديد دون خوف من الله وفي ظل صمت الجهات الرقابية المعنية ، فيما المواطن المغلوب على أمره يبحث عن السلعة الغذائية الرخيصة دون أن يلتفت إلى نوعية السلعة وتاريخ انتهائها ، فيقوم بشراءها دون علم بما سيحدث له من تبعات سواء على صحته وصحة أفراد أسرته الجسدية ، أو النفسية وفجأة لا يدري بنفسه إلا وهو في المستشفى بعد أن يكون قد تعرض للتسمم ! "
السلع ذات الجودة المناسبة
الكثير من تجار الجملة وبائعي التجزئة رفضوا الحديث عن نوعية المواد الغذائية المنتهية الصلاحية ومن يقف وراء استيرادها وبيعها، أو الإفصاح عن أية معلومات تتعلق بتلك السلع وكيف تتعامل معهم الجهات المختصة ، باستثناء عدد قليل منهم أبدوا استعدادهم للرد على أسئلتنا واستفساراتنا ولكنهم تحفظوا عن ذكر بعض التفاصيل التي يثار حولها الجدل، ومن هؤلاء الذين تجاوبوا معنا الأخ س-خ- صاحب محل لبيع المواد الغذائية الذي تحدث قائلاً : " بعض التجار الكبار يبحثون عن الربح بغض النظر عن نوعية السلعة التي يستوردونها أو يبيعونها، فهم لا يكترثون بأرواح المواطنين الذين يعانون أصلا من مستوى معيشي متدني ، الذي يدفعهم لشراء السلع الغذائية الرخيصة بغض النظر عن منشَئِها وصلاحيتها،فبعض التجار يقومون باستيراد اللحوم والدجاج وغيرها من السلع الغذائية المنتهية الصلاحية مستغلين إقبال المواطنين على شراءها ،أما التجار الصغار من أمثالي،أو بالأصح البعض منهم فيحرصون على شراء وبيع السلع ذات الجودة المناسبة وغير المنتهية حرصاً منهم على حياة الناس وعلى أن يوفروا لأسرهم احتياجاتها بطريقة حلال ترضي ربنا ".
السلع المغشوشة
ويقول الأخ عبيد حسن - صاحب بقالة - :"هنالك سلع مستوردة ولاسيما المعلبة منها مغشوشة،ويصعب تمييز الجيد من المغشوش على المواطن العادي،لذا نحرص على التعامل مع وكلاء المنشأ الأصلي ، حتى نتجنب السلع المغشوشة ونحافظ على سمعتنا في السوق،لكن ذلك ينعكس على ارتفاع سعر السلعة والذي يسبب لنا ركوداً في البيع،إلا أننا ومع هذا مقتنعين بما يكتبه الله لنا من رزق حلال ".
حملات تفتيش
وأضاف :" أغلب المعلبات المتوفرة في السوق رديئة أو وعلى وشك الانتهاء ، وهنالك معلبات وسلع منتهية الصلاحية أيضاً،ولا تصلح للاستهلاك،لكن المواطنين يضطرون لشراءها بسبب رخص أسعارها،وليس هنالك حملات تفتيش ينفذ من قبل مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة عدن عقب حرب الانقلابيين، إلا أن هذه لم يحد من بيع السلع المنتهية والمغشوشة.." ، مضيفا:" إن التجار من أصحاب البضاعة الفاسدة يعتمدون على بائعين متجولين وأصحاب بسطات في أغلب الأحيان لتصريف البضاعة وتتم العملية عبر منح البائع كمية من السلع من دون مقابل حتى ينجح في تصريفها عندئذ يحصل على نسبة من الأرباح ".
زيادة كميات السلع
ويشير "معتز صالح" أن زيادة كميات السلع المنتهية الصلاحية ناتجة من أن بعض التجار الذين لا يلتزمون بمعايير السلامة والصحة وهم يشترون البضاعة من بلدان المنشأ،حيث يخالفون القوانين المنظمة لعملية الاستيراد وبالتواطؤ مع بعض الجهات المعنية خاصة في المنافذ الحدودية، كما أن بعضهم يعمد إلى استبدال التاريخ المنتهي بآخر صالح ،وتتم هذه العملية بصورة سرية مخالفة للقانون، حيث يوزع التاجر بضاعته على أنها صالحة للاستهلاك البشري، وهذا يضر بسمعة التجار كافة، بمن فيهم نحن الذين لا نتعامل مطلقاً مع السلع المنتهية أو الرديئة، وما نرجوه هو أن يفعل القانون ويطبق على الجميع ودون استثناء؛ ليعلم المواطنون من يتاجر بصحتهم وحياتهم ومن الذي يحرص على صحتهم وحياتهم.
ولـ"الأمناء" كلمة..
يقع على عاتق المواطنين جزء مهم من " المسؤولية المجتمعية " تجاه من يبيع البضاعة المنتهية، وقبل شراء أي بضاعة عليهم أن ينظروا لتاريخ الإنتاج والانتهاء ، والاحتفاظ بعينة من البضاعة المنتهية ، وعدم السكوت على اقتراب الخطر منهم ، ثم عدم التهاون أبداً ، مع أي تاجر ، يبيع مواد منتهية ، بحجة أنه لا يعرف أنها منتهية ؛ لأن هذه المبررات أقل من واهية ، أمام حياة الناس ، فحياتهم ليست للمراهنة ، أو للتذكر والنسيان ، يجب التعامل بوعي كبير في مثل هكذا قضية والحزم أيضاً دون تهاون ، على من يستهينون بأرواح الناس ، فهذه تعتبر من قبيل قضايا قتل العمد غير المباشرة ..