الفقيد الصحافي عبيد مثنی الحاج... "ذكرى أغسطس المؤلمة"
الأمناء نت / علاء عادل حنش...

ماذا أحدّث عن (عبيد) يا قلمي؟... وذكر (عبيد) لحن خالد النغم... ماذا أقول، وهل يغني القريض وقد... تسمّر الحرف مشنوقاً بكل فم... وما عساها قوافي الشعر قائلة... والخطب لا شك أضحی اليوم في حدم... 
يالله كم وجدت صعوبة وأنا أحاول أن أكتب عنك بضع كلمات ، كم استغرقت من الوقت الطويل ، وكم تغلبت وتمايلت بجلستي ، وكم اهتزت يدي (أرتعاشاً) , وأنا أحاول أن أخط بضع أحرف عنك ؟!!
كم فكرت ، وكم أضطربت؟!! الدموع هي فقط من خطت أحرفها علی ورقي ، أما قلمي فتسمّر ولم يعد يقوی علی الحراك ، وحبري جفت ينابيعه واندثرت؟!! الدمع هو فقط من أعلن كلمته في هذه اللحظة ؟!! إنه شوق الرحيل المؤلم ، شوق الرحيل الباكي والدامي؟!!
برحيلك الابتسامة غاضت إلی غير رجعة ، والفرح مات إلی الأبد؟!! بل أننا لم نفِق بعد من هول الصدمة التي حلت فجر يوم الأربعاء الماطر ، بعيد الفطر السعيد لسنة 1434 هجري، الموافق 2013/8/7م، من أغسطس-آب، وإلی يومنا هذا؟!!
فحين أتذكرك , أتمنی من الشمس إلا تشرق ثانية ، ومن الليل ألا ينجلي ، كي لا تغيب أنت عن مخيلتي قيد أنملة من الثانية ؟!!
نعم يا سادة يا كرام ، إنه فراق وحنين فقدان (عبيد الحاج)...

يا من رحلت إلى بعيـــــــــــد !!

نعم.. إن رحيلك مازال لم يستوعبه العقل ، ولا القلب ، مازلنا نعيش في أجفان ذكرياتك الجميلة والعطرة ، بل أن اسمك نلفظه باستمرار ، مازال صوتك يرن بأذني ، مازالت ضحكتك النقية تملأ عيناي  ارتساماً، مازالت صورة وجهك البشوش ملتصقة التصاقاً غير عادياً في عقلي ومخيلتي ، مازالت كلماتك محفورة في أعماق قلبي ، وعلی نهجها سوف أسير ، بخطی صلبة ، مستمداً قوتي من روحك الزكية , التي مازلت أراها أمامي إلی الآن ؛ تتجول في ربوع السماء؟!!
نعم .. تعجز الكلمات وتختفي الأحرف ، كلما هممت في رثاء خالي العزيز (عبيد الحاج)...
فقد كان الأب الروحي ، والبلسم الشافي لآلامي ، وكان النبراس الذي يضيء لي منارة المستقبل ، ويده كانت اليد الحانية التي تمسح دموعي كلما شاءت النزول –وليس لي فقط – بل كل من عرفوا وعاشروا الصحافي (عبيد الحاج), عرفوه بهذا ، وهكذا ؛ ولمسوه لمسا حقيقيا...
أن رحيل هذه الهامة الصحفية , لهو بحد ذاته جرحا نازفا في جسم هذا الوطن الغالي (الجنوب)، واليمن والعرب ككل...
فـ(عبيد الحاج) للصحافة أنموذجا فريدا، فقد وصلت كتاباته ومؤلفاته إلی أصقاع شتی من المعمورة ، في مشارقها ومغاربها...
فالفقيد (عبيد الحاج)، امتلك دماثة في الأخلاق والاحترام ، كان رجلا ذات كلمة صادقة كالسهم ، يصيب بها الهدف ؛ الذي لابد من أن يصاب ، فقد تعلمنا منه الصدق والاحترام والأمانة والأخلاق ، تعلمنا منه كل شيء جميل بهذه الحياة دون استثناء ؛ وكل ذلك خلال معاصرتنا للحياة معه... وتسكن سيرة الفقيد (عبيد الحاج) , العقول الباحثة ؛ فتجد فيها الاشراق والابداع ، القلب المؤمن يغذي العقل المبدع... والعقل المبدع الخلاق ينير في القلب الحماسة... معادلة متكافئة جعلت من الصحافي (عبيد الحاج), الإنسان الخالد فينا أبد الدهر ، نطالع سيرته ، ونردد اسمه ، فكأنه غادرنا بالأمس إلی عالم الخلود ، أو كأنه لازال يعيش معنا ، رغم مرور هذه المدة الطويلة علی رحيله ، (1110) يوماً، أي من (2013/8/7م), وإلی (2016/8/7م)، ونيف... 

من هو (عبيد الحاج) ؟!

علو في الحياة وفي الممات ، ودوي يملأ دنيا العرب عبر الزمان ، ففي كل الصحف والكتب تجد أثراً يحمل اسم الصحافي والكاتب العربي اليمني الجنوبي (عبيد الحاج), الذي ولد في 1970م ، ، بردفان، (الملاح–لحج), وتحديداً في قرية (الحاضنة)، وتلقی تعليمه الابتدائي والأساسي فيها ، وفي قرية (القشعة)، المجاورة (للحاضنة) ، وانتقل بعدها إلی منطقة (الكود بأبين), ليكمل دراسته الثانوية فيها ، ومن ثم التحق بالسلك العسكري بصحيفة الراية -التي كانت تصدر بلسان الجيش ، بدولة (الجمهورية اليمنية الشعبية الديمقراطية) وقتئذ - وعمل صحفيا في صحيفة (الراية) بعدن آنذاك ، وبعدها حصل علی منحة للاتحاد السوفيتي ، وهنالك حصل علی الوسام الذهبي ، علی الدفعة التي كان هو رائدها ، ومن ثم ذهب لأكورانيا ، ثم تنقل في عدة بلدان عربية وإسلامية وأجنبية عديدة ، وطاف خلالها في أدغال العمل الصحفي...
وله عدة شهائد علمية وعملية،أهمها :"ماجستير صحافة وإعلام، وماجستير علوم سياسية، ودبلوم في العلاقات الدبلوماسية الدولية) وغيرها من المؤهلات العديدة...
أما المناصب التي تقلدها الفقيد (عبيد الحاج), فهي عديدة ، وأهمها :"سكرتير إعلامي لوزير الدفاع ، وسكرتير تحرير (مجلة الجيش), وسكرتير تحرير صحيفة (26 ستمبر) , ومدير دائرة الصحافة والنشر بدائرة التوجيه المعنوي ، ونائب رئيس مركز المعلومات ، وآخر منصب له -والذي توفي وهو متقلد له - كان (نائب رئيس تحرير صحيفة (26 ستمبر)، ويمتلك الفقيد رتبة (عقيد)...
أما بالنسبة لمؤلفات الكاتب (عبيد الحاج), فإنها عديدة وكثيرة ، وسوف أستطردها معكم ، باقتضاب :"صفحات منسية من تاريخ الثورة ، وعبقرية الإنقاذ والتحديث ، ووجدانيات ، ورجل التحدي والوفاق ، وجمهورية التغيير), وغيرها...
أما الكتب التي مازالت تحت الطباعة ، فأهمها ("السعودية...ينابيع العطاء ونسائم المعاصرة !" , والمرتزق بوب دينار ، ووجهاً لوجه ، وأفكار وحلول), وغيرها من الكتب التي مازالت حبيسة الطباعة (تحت الطباعة), ومن هنا فإنني أتمنی من الاسراع والعجالة في طباعة كتب الفقيد (عبيد الحاج), وإخراجها للعنان ، ليستفيد منها الناس ، من علم ومعرفة امتلكها هذا الكاتب المكافح ، والصبور ، فهذا مجهوده ، ولا يجب أن تستمر الكتب دون طباعة لفترة أطول مما مضی عليها ؟!!
ولا يفوتني ذكر من أن للكاتب (عبيد الحاج) عدة أعمدة ، تنقل فيها وهو يكتب بها ، منها (عمود في صحيفة (26سبتمبر) بعنوان "أجراس", وعموده الصحفي في صحيفة (الجمهورية), بعنوان "تحت الرماد"، وغيرها من الأعمدة التي كان الكاتب يصف فيها أحوال الشعب ، وكان همة الوحيد في جل كتاباتة انتصار القضية الجنوبية ، وإعطاء الشعب الجنوبي حقه الكامل ، دون أي انتقاص ، وكان أيضا يصف حال الشعب اليمني ككل ، ومعاناته من أزمات وغيرها ، وكان من المؤيدين لثورة الشباب السلمية ، في فبراير 2011م، آنذاك، وكتابه (جمهورية التغيير), كان بمثابة الحافز والمشجع لشباب الثورة وقتئذ ، وأيضا كان يصف حال الأمتين العربية والإسلامية معا، بكل ما تعانيه هي الأخری من أزمات وحروب...
والصحافي (عبيد الحاج), عضو في كل من (نقابة الصحافيين اليمنيين ، وعضو في اتحاد الصحفيين العرب ، وعضو في منظمة الصحفيين العالمية)...
وأخيراً... أنني قد كتبت هذه الأحرف والكلمات وهي ممزوجة بالدموع الدّواة ، وصدق المناجاة ، وأنين السّطور ، وبكاء الأحرف ، إلی الخال (عبيد الحاج), الذي رحل وهو مازال بعمر الزهور ، رحل ومازال قلمه ساطع رشيق ، كان يكتب كل ما يجول في عقله الواسع المرهف ، ويكتب كل ما يخطر علی بال البشر ، يكتب كل ما يعانيه الشعب ، فيتلمس بكتاباته كل معاناة يعانيها الشعب والوطن ، سواء في (مقالاته، ومؤلفاته، وأشعاره), وغيرها... 
فرحمة الله عليك يا فقيدنا البار لربه ، الصحافي (عبيد مثنی الحاج), ورحم الله كل شهداء الجنوب ، وشهداء العرب والمسلمين ككل ، وأسكنهم فسيح جناته في الفردوس الأعلى من الجنة...
وإنا لله وإنا إليه راجعون...

* صحيفة "الأمناء"

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني