من صديق الطيار - رياض شرف:
نظم مركز عدن الدولي الحديث للتحكيم وتسوية المنازعات (الوحدة القضائية التابعة للمحكمة الدولية لتسوية المنازعات - إنجلترا)، اليوم الخميس في العاصمة المؤقتة عدن، ملتقى التحكيم التجاري الدولي للبنوك والقطاع المصرفي وسوق المال، بعنوان (أهمية إدراج شرط التحكيم في عقود التمويل البنكي والتعاقدات المالية ومساهمة التحكيم التجاري في الحد من تداعيات تدهور العملة في اليمن)، برعاية وزارة الصناعة والتجارة، والغرفة التجارية - عدن، والبنك المركزي اليمني.
وحظي الملتقى بحضور وكيل أول وزارة الصناعة والتجارة علي عاطف الشرفي، ووكيل الوزارة لقطاع الخدمات راشد حازب، ورئيس الغرفة التجارية عدن أبوبكر باعبيد، ووكيل محافظة عدن د. رشاد شايع، والمتحدث الرسمي لجمعية الصرافين الجنوبيين صبحي باغفار، وعدد كبير من الشخصيات التجارية والمصرفية ورجال المال والأعمال والقانونيين وممثلي وسائل الإعلام المختلفة.
وهدف الملتقى إلى المساهمة في الحد من تدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية (الريال اليمني) أمام العملات الأجنبية، انطلاقاً من أهمية التحكيم التجاري في حل بعض تداعيات أزمة تدهور العملة في اليمن.
وافتتح الملتقى بكلمة لرئيس مجلس أمناء مركز عدن للتحكيم وتسوية المنازعات، المحامي هاني سالم ربيع، أوضح فيها أهمية إدراج شرط التحكيم في المعاملات المصرفية والتجارية لحسم الأزمات والخلافات التي قد تنشأ فيما بين العملاء والبنوك والتجار في حال التعثر والسداد، بما يسهم في تخفيف الأزمات التي يعاني منها شريحة التجار والمستثمرين والبنوك، وبالتالي وضع الحلول المناسبة لتجنب الأعباء الناجمة عن تدهور العملة المحلية.
وفي كلمته في المتلقى، رحب المستشار د. فيصل حسن بن مهري، رئيس مركز عدن الدولي الحديث للتحكيم وتسوية المنازعات - عضو المحكمة الدولية لتسوية المنازعات - إنجلترا، بكل الحاضرين في المتلقى كلا باسمه وصفته ومقامه، متوجهاً بالشكر والتقدير والعرفان للداعمين والراعين الرسمين لهذا المتلقى المميز والهام، على دعمهم الدائم والمستمر في نشر مفهوم التحكيم التجاري في الوسط الاقتصادي والتجاري والاجتماعي..
وتطرق المستشار بن مهري في كلمته إلى ثلاثة محاور أساسية متعلقة بموضوع الملتقى، حيث تحدث في المحور الأول عن مركز عدن الدولي الحديث للتحكيم لتسوية المنازعات، من حيث: التعريف بمهامه وأقسامه، التعريف بمشروعيته وجهات الاعتماد الدولي والوطني له، التعريف بآلية تنفيذ الأحكام الصادرة منه وآلية اكتساب المحكمين فيه لولاية الفصل والحكم في المنازعات.
واستعرض في المحور الثاني أهم الميزات والفوائد التي يحصل عليها المتوجهون لوسيلة التحكيم التجاري المؤسسي من البنوك والقطاع المصرفي والاستثماري والتجاري والعقاري، وكل من له حاجة للفصل في النزاعات ذات الطابع المالي، من حيث: ميزات التحكيم التجاري، والفوائد المادية المعنوية، وإمكانية تطبيق ذلك على أرض الواقع.
بينما تناول في المحور الثالث التعرف على علاقة التحكيم التجاري المؤسسي للمساهم في الحد من دواعي انهيار العملة، وعلاقة مراكز التحكيم بهذا الموضوع، من حيث: درجة العلاقة المهنية، والأثر الفاعل لمنظومة التحكيم، وإمكانية تطبيق ذلك على ارض الواقع.
حيث أوضح أن «درجة العلاقة المهنية بانهيار العملة هي من الدرج التنظيمية التي تساهم في إيجاد معالجات قانونية تساعد الجهات ذات العلاقة في المعالجات القانونية المناسبة للتملص من عوائق القانون العام، بتكييف قوانين فرعية تنظيمية يرتضيها الأطراف من منطلق تطبيق قانون تحقيق العدالة والإنصاف، ويكون قابلا للتطبيق ومتوافقا مع القانون الدستوري والتنظيمي، وهذا ما يتوجه إليه في حل أزمتنا في البلاد بحسب العلوم الحديثة التي انبثقت من علم إدارة المخاطر والأزمات بعد أزمة كورونا، (وهذا من أهم ما يحتاج له الوضع الحالي)».
وأضاف: «أما عن الأثر الفاعل لمنظومة التحكيم، فيكمن في اتفاق رغبة الأطراف المعنية من بنوك خاصة وحكومية ومصارف في إيجاد حلول ووجود حد أدنى من الثقة، والاتفاق على وضع استراتيجية توافقية معينة مرضي عنها تحقق الصالح العام لمحاربة المضاربة، فيصيغ لهم التحكيم السبيل لذلك لتحقيق الصالح العام، ومتى ما اتفق الأطراف المعنية بأن الإضرار بالعملة يعد عملاً تخريبياً عاماً قد يندرج تحت جرائم الخيانة العظمى، حينها يسهل اتخاذ إجراءات لدى قطاعات الدولة التشريعية والتنفيذية».
وحول إمكانية تطبيق ذلك على أرض الواقع، أوضح رئيس مركز عدن الدولي الحديث للتحكيم وتسوية المنازعات المستشار د. فيصل بن مهري، أن «ذلك لن يتسنى إلا من خلال التفكير بحلول غير تقليدية (التفكير خارج الصندوق)، فإن الحل لن يأتي من خلال تطبيق الاستراتيجيات الاقتصادية والدولية ومعاير السلامة وإدارة المخاطر والأزمات، من ضرورة توفر مناخ مناسب لتطبيق معطياتها للحصول على نتائج وفق الدراسات الأكاديمية والتحليل العلمي المنفصل عن الحياة العملية والتكيف مع الواقع المر.. لا نقلل من قدرات أساتذتنا الاقتصاديين وخبراء إدارة المخاطر، ولكن الحل لن يكون تقليداً لأن الوضع غير تقليدي، والحل لابد يكون الأخذ به كمن يسبح عكس التيار جميع العوامل ضده فلا يفكر أن الحل سيكون عادياً أو لا، يجب أن نحلل الأسباب مثل الانقسام المؤسسي للبنوك المركزية أو أزمة سیولة أو تدهور ثقة أو فساد أو صعوبة تحويلات أو قوی قاهرة سیاسیة أو تضارب مصالح أو عدم توفير موارد، أو عدم وجود دعم أو معونات خارجية أو المضاربة بالعملة الهادفة للتخريبة... إلى آخر هذه الأسباب».
وأكد كذلك أن الحلول للحد من تدهور العملة «لن تكون من خلال اتفاق البنوك المركزية، أو تعديل سياسات من طرف واحد أو الدعوى لتنشيط استثمار أو تفعيل استراتيجيات استيراد وتوفير عملة، أو ما شابه ذلك من قبل الاتفاق على ما يشبه العرف الداخلي والخاص ترتضيه فيما بينهم أصحاب العلاقة من القطاع المصرفي للخروج من هذه الأزمة».
وفي كلمة له، أشاد وكيل وزارة الصناعة والتجارة علي عاطف الشرفي بجهود مركز عدن الدولي الحديث للتحكيم وتسوية النزاعات، الذي يعد الأول من نوعه في اليمن في حلحلة الإشكاليات والنزاعات التجارية، مشيراً إلى أن «مراكز التحكيم التجاري لا تعتبر بديلة عن القضاء ولكنها تسهم في معالجة التعقيدات والروتين الطويل الذي تنتهي فيه عملية تسوية النزاعات بين المتخاصمين»، بحسب تعبيره.
بدوره أثنى رئيس الغرفة التجارية عدن أبوبكر باعبيد، بالدور الكبير الذي تسهم فيه مراكز التحكيم في جميع دول العالم في حل الكثير من مسائل النزاعات التي تطرأ بين المتخاصمين في شتى المجالات التجارية والمالية.. مشيداً بجهود مركز عدن الدولي الحديث للتحكيم وتسوية المنازعات ممثلاً برئيسه المستشار د. فيصل بن مهري، في حل الكثير من المنازعات بين القطاعات التجارية والمالية بما يوفر الجهد والمال والوقت..
وحول تدهور العملة المحلية أكد باعبيد أن السبب الرئيس في ذلك هو سوء إدارة المال وليس عدم توفر عملة صعبة، مشدداً على ضرورة توافر جهود الدولة والبنوك والشركات التجارية ورجال المال والأعمال للحد من هذا التدهور المخيف..
كما ألقى وكيل محافظة عدن دد رشاد شايع كلمة، نقل في مستهلها تحيات وزير الدولة محافظ عدن أحمد حامد لملس لجميع الحاضرين.. مؤكداً حرص السلطة المحلية بالمحافظة على توفير جميع التسهيلات لأي مشاريع تساهم في تسوية وحلحلة أي أزمات، مبدياً استعدادها للتعاون في ذلك بحسب الإمكانيات المتاحة.. مشيداً بجهود مركز عدن الدولي للتحكيم وقيادته ممثلة برئيس المركز المستشار د. فيصل بن مهري.
من جهته، ألقى المتحدث الرسمي باسم جمعية الصرافين الجنوبيين، صبحي باغفار، كلمة أوضح في مجملها أن «أروقة المحاكم وسلطات القضاء تتراكم فيها القضايا المنظورة وتزدحم الساحة القضائية، ويطول المسار الذي يتخطى الأشهر والسنين بين الادعاء والدفع ابتداءً واستئنافاً للوصول إلى العدالة المرجوة والمأمولة».
وأكد أن «المصلحة والحاجة الملحة باتت تقتضي الرجوع إلى مجمعات التحكيم للفصل في القضايا المختلف عليها، والتي على أساسها نشأت مراكز التحكيم الدولي وتوسعت مهامها عوناً لجهاز القضاء من تدفق القضايا المتشعبة واختصاراً زمنياً للبت في النزاعات وقضايا الخلاف».
المستشار القانوني لشركة إخوان ثابت، إبراهيم القحطان، أكد هو الآخر في كلمة له إلى أن العالم اليوم يتوجه إلى مراكز التحكيم لحل قضايا النزاعات التجارية والمالية، لافتاً إلى الدور المهم الذي يضطلع به مركز عدن الدولي الحديث للتحكيم وتسوية المنازعات في حل النزاعات بين الشركات التجارية المختلفة، حاثاً التجار وأرباب المال والأعمال للجوء لمركز عدن في حال حدوث أي نزاعات بينهم لتوفير الوقت والجهد والمال.
هذا وقدمت في الملتقى ورقة عمل تضمنت محاورها الحديث عن مشروعية التحكيم التجاري كم منظور الشرع الإسلامي والقانون اليمني، مؤكداً أنها تدعم وتساند مثل هذه الجهود التي تسوي النزاعات بطريقة مهنية مختصرة وتوفر الجهد والمال أيضاً..
وفي ختام الملتقى فتح باب النقاشات والاستفسارات للجميع حول التحكيم التجاري في مراكز التحكيم.. كما تم عرض فيلم توثيقي مختصر عن مركز عدن الدولي الحديث للتحكيم وتسوية المنازعات والدور الذي يلعبه في حلحلة النزاعات التجارية والمالية وتسويتها في أسرع وقت وبأقل جهد ومال.
بعد ذلك توجه جميع الحاضرين لتناول وجبة الغداء التي دعاهم إليها مركز عدن الدولي للتحكيم.