العليمي: لا نقاش حول القضية الجنوبية إلا بعد استعادة الدولة
- ما الهدف من تصريحات العليمي؟ ولماذا اختار هذا التوقيت؟
- لماذا تزامن هذا التصريح مع تصعيد الإخوان والحوثي ضد الانتقالي؟
- ما هو رد الانتقالي؟ وما الخيارات القادمة؟
- محللون: تصريحات العليمي استفزازية وانقلاب على اتفاق الرياض
فجَّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي قنبلة مدوية في وجه الجنوبيين، وأعلنها صراحة بأن القضية الجنوبية ليست قابلة للنقاش ولا الحل في هذا الوقت، ومعالجتها ستكون في إطار حلول النظام السياسي ومضمون الدولة، بعد استعادة الدولة.
وقال العليمي في حوار لصحيفة الشرق الأوسط، التابعة للسعودية، إن القضية الجنوبية تعتبر رئيسية ومهمة، ونؤمن بأنها قضية عادلة، لكن الحديث عنها في هذه اللحظة أو نقاش حلها في هذا الوقت غير مناسب.
وكشف العليمي نواياه الخبيثة تجاه الجنوب وقضيته، بالقول إن معالجة هذه القضية سيكون بعد أن نستعيد الدولة من الحوثي، وسنضع كل شيء على طاولة الحوار والنقاش، ونضع المعالجات بالحوار وليس بالعنف أو بالفرض، وسيتم معالجتها في إطار حلول النظام السياسي و مضمون الدولة وشكل النظام السياسي المستقبلي.
حديث العليمي الذي يستهدف القضية الجنوبية، هو بمثابة انقلاب على مخرجات مشاورات الرياض والبيان الختامي لهذه المشاورات، الذي كان واضحاً فيما يتعلق بالقضية الجنوبية.
وأكد البيان الختامي في مشاورات الرياض على إدراج قضية شعب الجنوب في أجندة مفاوضات وقف الحرب في اليمن، وليس فيما بعدها كما ذكر رشاد العليمي في حديثه الأخير لصحيفة الشرق الأوسط.
الانتقالي يرد: قضية الجنوب لن تؤجل
ورد المجلس الانتقالي الجنوبي على تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي لصحيفة الشرق الأوسط، ووصفها بأنها غير دقيقة، ولا تشير إلى جدية الشراكة والتوافقات المنبثقة عن مشاورات مجلس التعاون الخليجي.
وقال الانتقالي الجنوبي في بيان نشره المتحدث الرسمي باسمه "علي الكثيري"، يوم الجمعة، أن قضية الجنوب قضية شعب ووطن وهوية ودولة ناتجة عن فشل الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية واحتلال الجنوب منذ صيف 1994م.
وشدد المجلس على حق شعب الجنوب بدولته كاملة السيادة، مؤكدا أن قضية الجنوب لا تقبل الترحيل ولا التأجيل ولن يكون كذلك أبدًا، موضحا أنها محددة في مخرجات مشاورات الرياض بشكل واضح.
ونبه إلى الاتفاق على إدراج قضية شعب الجنوب ضمن أجندة مفاوضات وقف الحرب لوضع إطار تفاوضي، لتحديد – من خلاله - شكل الدولة تفاوضيا.
واستغرب المجلس من عرقلة إصدار قرار تشكيل الوفد التفاوضي المشترك المتوافق عليه، مضيفا أن الوفد هو المعني بالتفاوض حول شكل الدولة والنظام السياسي للفترة الانتقالية والضمانات المطلوبة.
واعتبر أن المماطلة في تنفيذ الالتزامات الواردة في مخرجات مشاورات مجلس التعاون الخليجي تمثل مؤشرات خطيرة لا تخدم مستقبل الشراكة والعملية السياسية برمتها.
وفي تصريح تلفزيوني هدد القيادي البارز في المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيس وفد المجلس في اتفاق الرياض الدكتور ناصر الخبجي، بفض الشراكة بين المجلس الانتقالي، ومجلس القيادة الرئاسي.
وأكد الخبجي أن ترحيل القضية الجنوبية إلى وقت الدخول في عملية سياسية مع الحوثيين، أمر مرفوض ولن يقبل به المجلس الانتقالي الجنوبي.
لماذا تحدث العليمي بهذا الوقت؟
ويبدو أن الجنوب وقضيته، لا توجد في جدول أعمال رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ولا ضمن أولوياته رغم أهميتها ومكانتها، بدليل حديثه عنها والاستنقاص من الانتصارات والبطولات التي حققتها القوات الجنوبية على مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية في عموم المحافظات الجنوبية.
وفسر مراقبون سياسيون حديث العليمي بأن الجنوب وقضيته خارج أي معادلة سياسية، وهذا مؤشر خطير يوحي بأن هناك مخططا خطيرا يتم طباخته في الخارج للقفز على الجنوب وقضيته العادلة.
وتزامن حديث العليمي مع الحملة الإعلامية التي يقودها الإخوان والحوثي معًا ضد المجلس الانتقالي، ونشر مزاعم بوجود خلافات لدى المملكة العربية السعودية، مع حليفها الصادق في الجنوب، وكذلك نشر أكاذيب، تزعم أن الرياض تريد إخراج قوات الانتقالي من العاصمة عدن، وتبديلها بقوات موالية لها تسمي "درع الوطن".
وقالت صحيفة العرب اللندنية في تقرير لها أن تصريحات رئيس المجلس الرئاسي التي أدلى بها حول مستقبل القضية الجنوبية، فجرت أزمة جديدة بينه وبين المجلس الانتقالي، مؤكدة أن التوتر بين الانتقالي والعليمي، هو نتاج حالة من عدم الثقة، التي تشوب العلاقات بين مكونات المجلس الرئاسي، وتعبير عن قلق الانتقالي من تغييب قضيته التي يرفع شعارها منذ تأسيسه.
ويرى مراقبون أن تصريحات العليمي بشأن القضية الجنوبية، تمثل تهديدا خطيرا لمرحلة التوافق والإجماع التي خرجت بها مشاورات الرياض، وتشير إلى وجود مخطط للانقلاب عليها، من قبل العليمي والقيادات الإخوانية داخل المجلس الرئاسي والحكومة.
ويقول الباحث والمحلل السياسي الجنوبي شهاب الحامد أن تصريحات العليمي للشرق الأوسط حول القضية الجنوبية، هي هروب للأمام وتقويض لمضامين اتفاق ومشاورات الرياض، من وجهة نظر جنوبية.
وأوضح الحامد في تغريدة على حسابه الرسمي بتويتر، أن تصريحات العليمي، من وجهة نظر أخرى، تأتي كمحاولة لحشد موقف شمالي موحد يدعم رئاسته حزب المؤتمر من جهة، ويبرر خطواته التصعيدية وتفرده بالقرار ضد الانتقالي.
ما الخيارات الجنوبية القادمة؟
وهاجم سياسيون جنوبيون رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، مؤكدين أن تصريحه بشأن القضية الجنوبية يخالف عمليًا مضمون مشاورات الرياض التي تمخض عنها مجلس القيادة، والتي نصت على وضع إطار خاص لقضية الجنوب ضمن مشاورات الحل الشامل برعاية الأمم المتحدة.
وقال الصحفي الجنوبي يعقوب السفياني إن تصريحات العليمي محاولة للقفز على مخرجات مشاورات الرياض، بتقزيمه للقضية الجنوبية وحشرها في قالب حقوقي ثانوي يمكن الاتفاق عليه في غرف مغلقة بعد استعادة الدولة المفترضة والعودة إلى صنعاء بعد الاتفاق مع الحوثيين.
ويحذر القيادي في الانتقالي سالم ثابت العولقي، من الانقلاب على ما جاءت به مخرجات مشاورات الرياض.
وقال العولقي: "إن جوهر مشاورات الرياض هو الإجماع على واحدية الجهود ضد مليشيات الحوثي، والعمل على استقرار الأوضاع السياسية والخدمية في الجنوب، وإدراج قضية الجنوب ووضع إطار خاص لها في مفاوضات السلام، موضحا بان التراجع عن هذا النهج، سيعيد الأوضاع إلى ما قبل مخرجات الرياض".
وهدد عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي ناصر الخبجي، بالانسحاب من مجلس القيادة الرئاسي وفض الشراكة معه، حيث قال إن المماطلة التي يقوم بها العليمي ومن معه بشأن الوفد التفاوضي، يدفع المجلس الانتقالي إلى فض الشراكة في مجلس القيادة والحكومة.
وقال الصحفي الجنوبي سعيد بكران، إن تصريحات رشاد العليمي، تحمل مغالطات، وتدفع الجنوبيين لرفع مطالبهم بإعادة تفعيل الإدارة الذاتية، ووفد تفاوض جنوبي، منفصل عن الوفد الحكومي.
ويرى سعيد بكران أن إعادة تفعيل الإدارة الذاتية، وتشكيل وفد تفاوضي جنوبي منفصل، تمثل أولوية قصوى بالنسبة للجنوبيين، مؤكدا أن هذين المطلبين يجب أن يتنفذا قبل الاتجاه إلى صنعاء بالسلم أو بالحرب.
ويؤكد بكران أن الإدارة الذاتية تعني فيما تعنيه رحيل القوات الشمالية من وادي وصحراء حضرموت وإحلال قوات النخبة الحضرمية، مؤكدا أن أي جنوبي يتوجه للقتال في الشمال تاركاً خلفه ألوية شمالية لتقاتل أهله في الجنوب، أمر مرفوض.