يوم واحد فقط تقضيه في أي مدرسة من مدارس عدن كفيل بأن يجلب لك اخطر واشد الامراض الصحية والنفسية ما ستراه وتقابله من مشكلات ومتاعب تعانيها صروح العلم في المحافظة، حيث سيتملكك العجب والخوف والحزن في ان واحد للحال الذي وصلت اليه مدارسنا ومؤسساتنا التربوية.
ان هناك جريمة ترتكب ضد العلم وضد اجيالنا القادمة ، فهناك من يسعى جاهدا بلا هوادة لافساد الحياة التعليمية وتدميرها وافراغها من محتواها التربوي والعلمي وتحويلها من اداة للنهوض بالمجتمع وتطويره الى وسيلة لانتاج اجيال تالفة، بائسة ، مشوهة، ضعيفة الشخصية ومهزوزة الارادة، اجيال مستهترة ليس لها هدف او طموح، اجيال مرسوم عليها ملامح الاتكالية والعجز وتعلو وجوهها خيبة امل بالمستقبل وعدم الثقة بالقادم، اجيال لا يمكنها تجاوز مراحلها الدراسية الا بالغش.
عند زيارتك لاي مدرسة سترى طلاب كثيرين لباسهم كأنه لباس مدرسي ولكن تصرفاتهم لا تدل ابدا انهم في مدرسة فلا توجد لديهم خطوط فاصلة بين تعاملاتهم في الشارع وافعالهم في المدرسة، يظل المدرس ينادي عليهم ويتتبعهم في طول الساحات وعرضها لاجل ادخالهم الصفوف بلا فائدة حتى ينقطع نفسه وتخرج روحه.
وستجد ايضا صفوف مكتظة بالتلاميذ فلا يستطيع المعلم المرور بينهم بل ان صوته احيانا لا يسمعه بعضهم، يدخل المعلمون المدرسة وهم ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء لاحصص المقررة عليهم والتي عادة لا تزيد عن حصتين في اليوم.
ليس لديهم رسالة يسعون لتأديتها وفي اوقات كثيرة يفتقد بعضهم للعديد من المعلومات المرتبطة بالمنهج الدراسي.
وعندما تزور المدارس ستشاهد ابواب ونوافذ محطمة وادراج مكسرة وجدران متسخة وحمامات قذرة، وستلمح كذلك تصرفات غير اخلاقية دخيلة على مجتمعنا وستسمع عبارات والفاظ نابية ودونية.
هذه الاوضاع المزرية التي تعانيها معظم المدارس والمرافق التربوية خلقت شعور بعدم المسؤولية لدى كثير من التربويين واوجدت احساس باللامبالاة عند العديد من الطلاب.
كل هذا يتم ويحدث على مسمع ومرأى المسئولين دون ان نلمس منهم جهودا حقيقية او خطط فعالة لمعالجة تلك المشكلات التي اصبحت تتفاقم وتزداد يوما بعد يوم وكأن الامر لا يعنيهم.
هي مسؤولية وامانة في رقاب اولئك المسئولين ستسألهم عنها الاجيال المقبلة وسيحاسبهم عليها المولى جلا وعلا.
ان العلم رديف النبوة والعلماء ورثة الانبياء وتطوير العملية التربوية ليست بالامر السهل بل هي مهمة صعبة ورسالة سامية وعظيمة لا يستطيع القيام بها الا الشرفاء الاقوياء ونحن نثق ان محافظتنا عدن لازالت تزخر بالعديد من الكفاءات والعقول المبدعة القديرة التي تعرف للعلم قدره ومكانته وتدرك ان تطور الوطن وتقدمه مرهونا بنجاح الحياة العلمية والتدريسية واننا نرجو الله سبحانه وتعالى ان يوفق هذه الكوادر المخلصة لوضع لمساتها الصادقة للدفع بالعملية التعليمية وتحسينها كما ندعو الدولة للاستفادة من خبراتهم ومنحهم فرصة تقييم الوضع التربوي وتصحيحه.
مقالات أخرى