بدر عبده شيباني
حاوروهم بما يحقق تطلعاتنا

إن أهم ما يمكن أن ندركه اليوم ، بأنه لا يمكن أن نحقق أية مخرجات ايجابية لحواراتنا مالم نتمكن من تجسيدها على الواقع، في (وضع نظام وطني ديمقراطي تعددي) الاساس لدولة مدنية حديثة تواكب العصر، لتحقيق (تحولات ديمقراطية حقيقية في التغيير لحياة المواطنين)، بالعيش بعزة وكرامة وتشعرهم بأن لهم معنى في وطنهم، وتلبي احلامهم وتطلعاتهم التي ظلوا خمسين عاما يناضلون من اجلها ودفعوا ثمنها غاليا من دمائهم وارواح شهدائهم حتى اليوم، ومؤتمركم ثمرة لذلك، فلا تخذلوهم وارتقوا بحواراتكم وقراراتكم الى مصاف التجسيد الحقيقي لمعنى الروح الوطنية، بامتلاك القدرة على وضع المقومات التي تحقق تحولات ديمقراطية حقيقية لتغيير حياة المواطنين والوطن.

لذلك نوصل اليكم صوت شعبكم الذي كان الكثير من ممثلي فئاته سيحملونها الى مؤتمركم، وعلى الجميع ان يدعمكم ويوصل اليكم رسالتهم لتدافعوا عنها وتحقيقها في قراراتكم، و اولها جذر مشكلتنا (الازلية) شمالا وجنوبا، قبل وبعد الوحدة، وتكمن في الانفراد بالحكم والاستيلاء على الثروة، وجعل الحرية في التعبير عن الرأي والديمقراطية في انتخاب ممثليهم وحقوق الانسان (مفردات على ورق) و(مقيدة) بقوانين وتراخيص وصناديق انتخابات ديمقراطية تضمن لهم الاغلبية الدائمة بهدف الغاء وتهميش بقية القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني من حقهم كشركاء للقيام بدورهم الوطني في بناء الدولة المدنية وصنع القرار، ادى الى ضعفها لخسارتها اهم عوامل قوتها ونجاحها في تأسيس (النظام الوطني الديمقراطي) للدولة المدنية، وسببا في صراعاتها الدموية الدائمة.
وكان الامر كذلك في اسقاط المشروع الوطني للوحدة (ليس لمجرد الوحدة ولا اصل وفرع ولا هي رباط كاثولوكي مقدس لا ينفك)، بقدر ما كانت وحدة وطنية تهدف اساسا الى تأسيس (نظام وطني ديمقراطي جديد)، يوحد كل القوى البشرية وموارد الثروات الطبيعية قادر على بناء دولة مدنية تعددية تواكب العصر، (بديلة) لنظم تلك الانظمة التي حكمتنا وعجزت عن تأسيسها لانفرادها بالاستيلاء على السلطة والثروة واعتمادها على التوازنات القبلية والمناطقية والاسرية والتقاسم والعنصرية للحفاظ على مصالحها والمنتفعين منها، والغاء وتهميش الاخرين، وادت الى تفشي الفساد ونهب اموال وثروات الشعب وخلق فجوة تميز اغنياء الدولة عن فقراء الشعب، وتحولت الوحدة الى فيد ونهب وتسريح لالاف العاملين وتحويل مصانعهم ومؤسساتهم للنهب والخراب من دون تشغيلها وكانت العوامل المؤدية الى الكوارث الدامية، وانتفاضات ضد الغلاء ثم الى تغيير منظومة النظام السياسي بالكامل واستبداله بمنظومة ترتكز على حق الشراكة وصنع القرار لكل فئات المجتمع.

وزاد من تعميق التدهور الشامل لحياة المواطنين وتخلف الوطن، تخلي النظام عن (القيام بتنفيذ مهمات وظائفه الاساسية)، في توفير احتياجاتهم اللازمة من سكن، غذاء، عمل، تعليم، علاج ورعاية طبية، وكهرباء ومياه وامن وامان، وتركوا الغلاء والضرائب تسحقهم وارتفاع نسب الجوع، والفقر والبطالة والهجرة الى بيع الاطفال والاعضاء ومدن الصفيح العشوائي وعلى الكراتين وفي الارصفة ينامون، ويتوسلون حبة دواء ومستشفى لعلاجهم او لقمة غذاء يأكلون في كل مكان وزمان يحلمون بتعليم اولادهم وعلاجهم وبكهرباء تضيء ظلامهم ومياه تروي عطشهم داخل مدنهم، معزولين وعن حقوقهم ممنوعين كشركاء في دولتهم، التي تمتلك مصادر من الثروات الطبيعية والقوى البشرية والارض والمناخ اللازمة لتغيير حياتهم، وازدهار وطنهم باعادة مجد العنب والبن والقطن والملح والعسل والتناك والاحياء البحرية التي سادت ثم ابادوها مثلما جرى مع النفط والغاز، وتفتك بهم الامراض والسرطان بلا حماية من كل انواع التجارة مثلما تذمر الاثار والبيئة باسم الاستثمار والشطارة.

تلك هي قضايا شعبكم التي جعلته عقودا في بؤس وحرمان دائم ومغيبا حتى اليوم، ولا لن توجد حلول لمعالجة كل قضاياه ومعاناته شمالا وجنوبا، بشكل حقيقي وازدهار الوطن الا من خلال وضع احكام دستور وطني يرتكز على ترسيخ مضامين الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والحق الوطني لكل مكونات المجتمع بالشراكة بممثلين منتخبين عنهم لهم صوت مسموع في سلطات الدولة وصنع القرار والضامن وحيد لتحقيقها فعلا ان تكون الاساس لمقومات منظومة النظام السياسي للدولة الجديدة، لتكوين الدولة المدنية تواكب العصر وازدهار الوطن والمواطن سوى كان ذلك في اطار دولتين او ولايات اتحادية ، وبيدكم  الفرصة الاخيرة حتى لا تكون قضايانا قائمة.

مقالات أخرى

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي

قيادة في قلب المعركة.. الانتقالي أمام اختبار التنفيذ

غازي العلوي

لكم فبركة الإشاعات ولنا النصر والثبات والسيطرة على الارض

اياد غانـم

الحذر من الاختراقات وحرف الاحتجاجات عن أهدافها ومشروعيتها

صالح شائف