ثلاث قوى رئيسة محلية وإقليمية ودولية هي التي تتحاور وتخطط وتقرر ولكل منها هموم خاصة ترتبط بموقعها ومصالحها التي يجب أن ينتهي إليها الحوار وبما لا يؤثر على المصالح التي يحلم بها كل طرف، وبصرف النظر عن توافقها مع رضاء المواطنين ومصالح الشعب أو عدم توافقها ومن لا يعجبه الباب مفتوحاً، فما يتم الاتفاق عليه بين القوى المخططة هو الذي سوف يتم إقراره، رضي المتحاورون أو لم يرضوا، وكفاية عليهم الصرف اليومي، أما الشعب الذي قال للملكة بلقيس: الأمر إليك، ما يزال هو الشعب وشعاره من تزوج أمنا كان عمنا.
الإخوة المتحاورون ذكوراً وإناثا مستقلين ومتحزبين مدنيين وعسكريين: لا أمل في نجاح الحوار إذا لم تفرضوا أن يتم الحوار والاتفاق أولاً على بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة بجيشها وقضائها، ودستورها وسلامة ونزاهة وحرية انتخابات سلطاتها، وإقامة مؤسساتها وسيادة قوانينها، وهي التي سوف تتولى تنفيذ كل ما تتوصلون إليه بعد ذلك من معالجات للظواهر المتخلفة التي كانت نتاجاً لغياب الحكم الرشيد، سواء في الجنوب أو الشمال، بما فيها غياب المساواة والعدل وغياب التنمية والتطور واحترام حقوق الإنسان.
بدون إقامة الدولة أولاً والاتفاق عليها، وإبعاد الجيش عن هيمنة القوى الحزبية والسياسية والاتفاق على معايير اختياره وأماكن تموضعه، بدون ذلك، لا أمل في نجاح حواركم ولا في استقرار وطنكم، ولا في تطور بلدكم وسوف يصدق عليكم قول الله تعالى: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون).