الموقف الراهن للدول العربية، بما فيه الموقف من القضية الفلسطينية خصوصاً والصراع العربي الإسرائيلي عموماً، ليس وليد اللحظة أو السنوات الماضية، ولكنه نتيجة غاب العمل العربي المشترك لعقود من الزمن، وتحديداً التحالف الأمني الدفاعي والتعاون الاقتصادي.
كما وأن انقسام المواقف العربية إبان التحولات العالمية وآخرها الحرب الباردة بين المعسكرين - والتي نتج عنها انتصار المعسكر الغربي وهيمنته كقطب عالمي واحد - كان له أثر سلبي على الدول العربية سواء التي انتكست بسقوط حليفها الشرقي، أو التي وجدت نفسها أقل تأثيراً وحتم عليها الواقع أن تكون تحت الهيمنة الغربية، وهذا الانقسام حال دون استغلال تلك المرحلة من التحول العالمي لإعادة صياغة جديدة للأمن القومي العربي وفق عمل مشترك على مختلف الأصعدة.
بالمناسبة هذا الموقف المتراجع - الذي يعتبر نتيجة وليس سبب - أمر طبيعي وواقعي بسبب غياب العمل المشترك لعقود من ناحية، وعدم التوافق في قراءة التحولات العالمية وصياغة أمن قومي جماعي وفقها من ناحية أخرى.
ولان السياسية هي فن الممكن، فإن تصحيح الموقف العربي يتطلب العمل على معالجة الأسباب التي أدت إلى هذا الموقف المتراجع وفق الهوامش المتاحة، وليس بالنظر إلى النتيجة على أنها السبب وجلد الذات وفقها، كما وأن المخاطرة في تجاوز المتغيرات الراهنة قد يكون له انعكاسات سلبية، تعطي فرصة للقوى الكبرى في توظيف ذلك من أجل تعميق الإنقسام والقضاء على ما تبقى من الدول العربية الوطنية المتماسكة.
حسب وجهة نظري فإن الواقع الراهن للصراع من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط فيه مؤشرات على حرب اقتصادية - وان كان ظاهرها عسكري - بين العسكريين الغربي المهيمن والشرقي الصاعد، والموقف العربي العام منه هو أكثر إيجابية وحياد مما كان عليه إبان التحولات السابقة، حيث لم يحدث انقسام في المواقف وانحياز إلى أطراف قوي التنافس القديمة الجديدة، وهو ما نأمل أن يتم استغلاله في التحول القادم المرتقب.
وعلى العموم هذه قرائتي للأحداث في ظل المتغيرات وبالمقارنة في سياقها التاريخي، بعيداً عن النظرة العاطفية - كما هي وليس كما اريد لها أن تكون - وقد يوافقني فيها البعض ويختلف معي البعض الآخر وهذا أمر وارد.
مقالات أخرى