ظاهرة غريبة ابتلينا بها في مجتمعنا حيث نجد ردود أفعال صاخبة عند خطف فرد واحد ، بينما يسود الصمت المطبق عند خطف وطن بأسره.
لست هنا أقلل من قيمة ومكانة النفس البشرية بل هي عزيزة و غالية ، ولا يمكن بحال من الأحوال ان نؤيد مثل تلك الأفعال المشينة ، ولا بد من محاسبة كل المتورطين في مثل تلك الأفعال ومحاكمتهم محاكمة علنية .
لكن حين يستغل حدث بعينه من جهات تريدها فتنة وحرب دامية ، وليس دفاعاً عن النفس الآدمية ، بغض النظر عن أي اعتبارات قبلية أو مناطقية بل هي فزعة لكل مواطن يعيش على أرض وطنه عزيزا كريماً آمناً ..
و إذا بأخبار خطفه تنتشر كالنار في الهشيم ، وتتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة حرب افتراضية ، وتتدخل جهات رسمية وغير رسمية ، و تتوعد جهات ، و تبذل أخرى الجهود المضنية لإطلاق سراحه ، وينتظر الجميع بفارغ الصبر عودته سالماً ،و بإذن الله ستعم الفرحة أرجاء الوطن عند إطلاق سراحه سالماً غانماً معافى .
فماذا عن الوطن الذي خُطِف وانتُهك دون ضجة أو صخب وكأن الأمر لا يعني أحداً ، و تُقمع الأصوات الصادقة والاقلام الشريفة ، وتُكمّم الأفواه ، وتُسجن الأجساد وتربَّط بالأصفاد ،
تُسرَق ثروات الوطن ، وتُنهب خيراته، وتُباع أرضه فيسود الصمت المطبق ، ويعمّ اليأس القلوب، ويفقد الناس الأمل في استعادة الوطن و التطلع لغد أفضل .
إنّ هذا التباين في ردود الأفعال ظاهرة خطيرة تُشير إلى خلل في منظومة القيم في مجتمعنا
لذا يجب علينا أن نُدرك أنّ الوطن هو أغلى ما نملك، وأنّه مسؤولية الجميع حمايته والدفاع عنه
و لا يجوز لنا أن نصمت على خطف الوطن ، بل يجب علينا أن نُقاوم ونناضل بكل ما أوتينا من قوة لاستعادته ، لأن مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة يتوقف على وحدتنا وتكاتفنا في سبيل تحرير وطننا.
مقالات أخرى