ماهر عبدالحكيم الحالمي
دائرة مفزعة..ضحية قرار.. !!

طالما شدتني في كتب المذكرات أساليب الحوار الداخلي الذي يدور في عقل الكاتب قبل اتخاذ أي قرار .. كمحاولة مني لفهم كيف ولماذا يفكر الناس بهذه الطريقة...  و من أجمل الكتب التي ناقشت فكرة الحوارات الداخلية.

أحيانا قبل اتخاذ  قرار ما تقفز إلى ذهنك تجربة سابقة و تحذرك من تبعات خوض هذا القرار. أحيانا تتجلى الإجابة على شكل آية قرآنية.. بيت شعر..حكمة قالتها والدتك.. تحذير من صديق مقرب.. مشهد من فيلم.. أو حدس قوي ليس له اي تفسير.... إشارة ما.. أو أحكام مسبقة، وهو الغالب للأسف...

حين تتخلى عن سلطة الأحكام المسبقة وتستمع إلى صوت الحوار الداخلي أو العصف الذهني الذي يدور بصوت مرتفع لتتخذ قرارك سيظهر لك الجواب كأنه ومضة جاءت من زمن ما.. كأنها يد  توجهك.. أو تعطيك خريطة لتتبع إحداثياتها..
 بعضنا يمتلك مهارة الإنصات الجيد لهذه الأصوات دون تشويش.. يستجيب و يتعلم و يقرر ويجرب و يتغير.. وبعضنا لا يستمع إلا لصوت واحد  فقط.. و يظل يردده ويقدسه ... ألا وهو الأحكام المسبقة..

باختيار نمط حياتك، رفاقك، شريكك، اختصاصك الدراسي، أو مهنتك، وحتى أختيار ستايل ثيابك، أو ديكور بيتك هل ياترى أنت اخترته فعلا؟
نحن كبشر حصيلة قرارات متراكمة و خبرات يفترض أن تكون نابعة من أفكارنا، الإنسان يجحف بحق نفسه  نفسه حين يكون نسخة مقلده عن أحد آخر يوجهه ويمنعه من ترك بصمته الشخصية على حياته.

في وقت متأخر سوف تسترجع شريط حياتك، وهنا تبدأ بملاحظة أمور أغفلت عنها، كأنك غيرت زاوية الرؤية المحدودة التي ظللت حبيسا داخل جدرانها، و أصبح بإمكانك رؤية أمور لم تنتبه لوجودها حتى.
عندها تدرك ماهو وعيك او وعي الأشخاص الآخرين
حدسك مقابل تجارب الآخرين.

ذوقك الشخصي مقابل أذواق الآخرين.. وهنا تبدأ بإصلاح الغلطة بإجبار من هم أصغر منك أو أولادك على تنفيذ رؤيتك التي تعلمتها من فشلك..
دائرة مفرغة !!.

نظرًا لتركيب البيولوجي بعيدا عن التنوع فنحن نخاف من أن نتغير أو نتمرد، و نفضل الإستناد على تجارب الآخرين، هي أضمن وأسلم.. شي مريح يزيح عنا عناء تحمل المسؤولية وهذا الشيء مذموم في القرآن "هكذا وجدنا آباؤنا يفعلون"،
 بهذه الطريقة  سوف نتحول لنسخ تشبه بعضها بعضا بطريقة مبتذلة، كنظرة الناس حاليا للشفاه المنتفخة والخدود الممتلئة والذقن المنحوتة جعلتنا نرى نسخا مكررة ومشوهة لنفس القالب..

التشابه  بكل شيء أمر قبيح.
حياتنا كلها حصيلة قرارات مختلفة و قوانين متغيرة.. لا شيء ثابت..  بدليل أن العلماء يقومون بتغيير النظريات ويضيفون عليها لعدم اقتناعهم بالنظرية التي وضعت من قبل..  يبحثون عن براهين لفرضياتهم لتصبح حقيقة معترف بها..
اصنع خبرتك الخاصة.. ونمطك.. ولا تقبل بأن تكون نتاج الأحكام المسبقة والخبرات الجاهزة..
والمواقف والعادات التي رفضتها وشعرت بأنها مجحفة...

وضع الآخر الذي يعيش حياته أو يفكر بطريقة مختلفة عنك داخل إطار الحكم المسبق ناجم عن رغبتك لحماية كيانك ضمن مجموعة تنتمي اليها "نحن الأخيار/هم الأشرار".
هذه النمطية تخلق الحواجز و تمنعك من التعرف و فهم الآخر.. "شعوبا وقبائل لتعارفوا"
أنت نفسك ممكن أن تصبح ضحية لقرار اتخذه شخص يوما ما بناء على حكم مسبق...

#ماهر-الحالمي#

مقالات أخرى

سنوات تمر، تغيرنا معها

م. نسيمة عبدالله العيدورس

تخلي إيران عن الحوثيين في اليمن

وجدي السعدي

#وجع_عميد

عادل حمران

يعين الله !

أحمد الربيزي