آخر تحديث :الجمعة 29 مارس 2024 - الساعة:04:59:50
تقرير خاص يبحث دلالات وتبعات اختطاف الحوثيين للسفينة "روابي"..هل ابتلع الحوثيون الطعم؟
(الأمناء نت / خاص :)

ما الدور الذي لعبته إيران في العملية؟ وما خيارات التحالف؟

مراقبون: بقاء "ستوكهولم" خطر يهدد الملاحة الدولية

 

يحبس المتابعون للشأن اليمني أنفاسهم، مترقبين ردة فعل دولية إزاء اختطاف السفينة، في وقت تصاعدت الاتهامات بين الحوثيين والتحالف العربي، المساند للحكومة الشرعية، حول طبيعة مهام السفينة وحمولتها بالتزامن مع القصف المتبادل بين الجانبين.

ولعل المعطيات الممتدة منذ سيطرة جماعة الحوثي على مؤسسات الدولة في اليمن، في سبتمبر من العام 2014، تؤكد قطعاً عدم استقرار وضع خطوط الملاحة والممرات التجارية في البحر الأحمر، إذ بات الخطر يتصاعد بشكل مطرد مع طول أمد الحرب وتدويل الصراع في اليمن.

فمنذ اندلاع الحرب في اليمن، استولى الحوثيون على موانئ استراتيجية على طول الساحل اليمني، واستخدموها لمهاجمة السفن الأجنبية المبحرة عبر مياه البحر الأحمر، والسيطرة على بعضها.

وأدى الدعم الإيراني للحوثيين دوراً رئيساً في تحويلهم إلى مليشيا مسلحة تهدد الأمن القومي اليمني، فضلاً عن الأمن القومي لدول مجلس التعاون الخليجي وللبحر الأحمر، حيث يعكس ذلك التهديد المستمر الذي يشكله الحوثيون للملاحة في البحر الأحمر.

وعمدت إيران عبر مليشيات الحوثي باليمن على تحدي الدول الأخرى؛ من خلال دعمها للمليشيا في عمليات القرصنة التي يقومون بها تجاه السفن التجارية، متجاهلة أن ضمان أمن واستقرار الطرق البحرية أمراً حاسماً بالنسبة للاقتصاد العالمي.

واعتبر مراقبون وخبراء عسكريون استهداف السفينة “روابي” يندرج في إطار استخدام إيران لأذرعها الإقليمية لتحقيق إرادات سياسية معينة تتعلق بمشروعها التوسعي في المنطقة.

ورأوا أن هذا الاستهداف قرصنة إرهابية، لأنه استُخدم واستُغل لأغراض سياسية.

 

قرصنة وتهديد للملاحة

اختطاف جماعة الانقلاب الحوثي للسفينة “روابي” قبالة سواحل الحديدة غرب اليمن، مساء الأحد، يكشف عن أن تهديد الخطر الحوثي يتضاعف باضطراد على الملاحة البحرية وعلى الأنشطة المختلفة الاقتصادية والاجتماعية داخل البحر، وعلى الأمن القومي العربي.

 

بإعلان الحوثيين أنهم صادروا سفينة إماراتية قبالة مدينة الحديدة في جنوب البحر الأحمر، بدأت للقصة روايتان على النقيض، تؤججان تصعيداً من نوع آخر بين الجانبين، حيث قال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، بأن السفينة تحمل “معدات عسكرية دخلت المياه اليمنية بدون أي ترخيص وتمارس أعمالا عدائية”. في حين اتهم التحالف العسكري الذي تقوده السعودية الحوثيين بـ”القرصنة والخطف” وأوضح، على لسان المتحدث باسمه، أن سفينة الشحن “روابي” كانت “تقوم بمهمة بحرية من جزيرة سقطرى” وتحمل “معدات ميدانية خاصة بتشغيل المستشفى السعودي الميداني بالجزيرة”.

المتحدث باسم التحالف العربي العميد الركن تركي المالكي، أكد تعرض سفينة الشحن - ذات النداء “روابي” وتحمل علم الإمارات - للقرصنة والاختطاف عند الساعة 23:57 من مساء الأحد أثناء إبحارها مقابل محافظة الحديدة، وهو موقع قريب من ذلك الذي حددته الهيئة البريطانية، حيث جاء تصريح المالكي بعد ساعات من إعلان هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية عن وقوع هجوم على سفينة مساء الأحد على بعد حوالي 23 ميلا بحريا غرب ميناء رأس عيسى البحري اليمني، دون أن تحدد اسم السفينة أو تبعيتها.

وأوضح المالكي، أن السفينة كانت تقوم بمهمة بحرية من جزيرة سقطرى إلى ميناء جيزان وتحمل على متنها كامل المعدات الميدانية (عربات الإسعافات، معدات طبية، أجهزة اتصالات، خيام، مطبخ ميداني، مغسلة ميدان، ملحقات مساندة فنية وأمنية) الخاصة بتشغيل المستشفى السعودي الميداني بالجزيرة بعد انتهاء مهمته وإنشاء المستشفى هناك.

واعتبر المالكي “عملية القرصنة من الميليشيا الحوثية الإرهابية تهديداً حقيقياً… لحرية الملاحة البحرية والتجارة العالمية بمضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر”.

وأكّد أن الحوثيين يتحملون “المسؤولية الكاملة نتيجة فعلهم الإجرامي بقرصنة السفينة وانتهاك مبادئ القانون الدولي الإنساني”، مطالبا إياهم بـ”إخلاء سبيل السفينة بصفة فورية” ومهددا بـ”استخدام القوة عند الاقتضاء”. في حين رد الحوثيون على لسان “سريع” بأن طاقم السفينة من جنسيات مختلفة لا زالوا على متنها، محذرة من أي استهداف قد يطالها من قبل التحالف الذي تقوده السعودية بمعية الإمارات شريكها الأقوى في الحرب القائمة ضد الحوثيين باليمن.

وسائل إعلامية موالية للتحالف نقلت مساء الإثنين عن مصادر يمنية أن الميليشيا الحوثية تنقل أسلحة إلى السفينة الإماراتية المختطفة بهدف تغيير حمولتها والإيحاء بأنها كانت تحمل أسلحة بدلًا من التجهيزات الطبية التي كانت تحملها.

 

التهام الطعم

المحلل السياسي محمد الحسني وافق الصحفي سالم بن بريك فيما يراه بأن السفينة روابي مجرد طُعم ابتلعه الحوثي لنقض اتفاق ستوكهولم بغية التحرك لتحرير محافظة الحديدة بالكامل من مليشيا الحوثي وذلك لتأمين الممرات المائية الدولية.

يتوقع بن بريك في تغريدة له نشرها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بأن البحرية المصرية سوف تتحرك عسكريا لحماية الممرات الدولية.

 

"ستوكهولم" يترنح

يأتي ذلك في وقت أثار اختطاف السفينة ردود فعل منددة، طالبت في مجملها بدحر الحوثيين من الحديدة، إذ اعتبر مراقبون سياسيون وعسكريون، تحرير الحديدة بات ضرورة ملحة لحماية الملاحة الدولية، في وقت باتت المعارك متوقفة في المحافظة منذ سنوات في ظل اتفاق تمخضت عنه مفاوضات السويد قبل ثلاث سنوات في إطار محاولة أممية لحل الأزمة في اليمن الذي يشهد حرباً أهلية منذ العام 2014م.

وتوقفت العمليات العسكرية التي يقودها التحالف لتحرير محافظة الحديدة بتوقيع الحكومة الشرعية والحوثيين اتفاق ستوكهولم في 12 ديسمبر من العام 2008م إلا أن جماعة الحوثي استخدمته ورقة رابحة في فرملة معارك استكمال تحرير الحديدة واستخدام القوات العسكرية التي عززت بها لحماية المحافظة، في فتح جبهات أخرى ضد المناطق التي تسيطر عليها القوات التابعة للحكومة الشرعية.

 

خطر قائم

اختطاف "روابي" ليست الأولى، ففي نوفمبر من العام 2019، كان الحوثيون قد أكدوا احتجاز قاطرة بحرية سعودية، وسفينة وحفار كوريين جنوبيين شمالي مدينة الحديدة عند ساحل البحر الأحمر، على متنها 16 بحاراً بينهم اثنان من كوريا الجنوبية.

وبعد نحو 3 أيام من تلك العملية، أفرج الحوثيون عن السفن الكورية والسعودية، بعدما كتب القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي، في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “هناك حالة اشتباه، ويقوم خفر السواحل اليمنية (تابع لجماعته) بمهمته في التأكد من هوية السفينة".

وجاء الحادث حينها بعد نحو أسبوعين من بدء مهمة تحالف عسكري بحري بقيادة الولايات المتحدة لحماية الملاحة في منطقة الخليج والبحر الأحمر من اعتداءات تعرضت لها سفن، واتُّهمت إيران بالوقوف خلفها.

وكان تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، مطلع عام 2017، كشف عن امتلاك جماعة الحوثي قدرات تكنولوجية بحرية تمكنهم من شن مزيد من الهجمات على السفن، مستدلاً على ذلك بدقة الهجمات التي تعرضت لها بعض سفن التحالف خلال عام 2016، ومنها الفرقاطة السعودية التي تحمل اسم (المدينة 702).

كما أخذ الحوثيون - بمساعدة إيرانية - يطورون منظومة سلاحهم البحري، وقد أعلنوا، في نوفمبر 2017، امتلاكهم منظومة صواريخ بحرية محلية الصنع، يُطلَق عليها (المندب).

وتحتل الطرق والممرات البحرية أهمية بالغة في نقل وتجارة الطاقة، إذ من خلالها يُنقَل 62% من كميات النفط العالمي، ما يعني أن إضرار الحوثي بالأمن الملاحي يشكل تحدياً حقيقياً، خصوصاً أن أهم مضايقه (باب المندب) أصبح محاطاً بنزاع مستمر منذ 2015.

وفي السياق يوضح الخبير العسكري الاستراتيجي اليمني الدكتور علي الذهب أنه لا يمكن الفصل بين مشروع الحوثي ومشروع إيران، حيث إن هذا الاستهداف يندرج في إطار استخدام إيران لأذرعها الإقليمية لتحقيق إرادات سياسية معينة تتعلق بمشروعها التوسعي في المنطقة، وتعزيز وجودها باعتبار أن الحوثيين جماعة ضمن الأدوات العنيفة التي تحاول الولايات المتحدة دفع إيران إلى التخلي عنها، إضافة إلى المشروع النووي.

 

ويؤكد الذهب في تصريح صحفي أن إيران “تستخدم مختلف أدواتها الخشنة والعنيفة في مواجهة خصومها، وفي تحقيق أجنداتها التوسعية البحرية في بعض القضايا الاستراتيجية التي تخص أمنها القومي”.

 

ويصف الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني، ما يحدث بأنه “تضاعف للخطر الحوثي على الملاحة الدولية والبحر الأحمر وعلى استقرار المنطقة، لا سيما مع توسيعهم من مساحتهم الجغرافية في هذه المنطقة”.

 

ويقول، إن التهديد الذي طال السفينة الإماراتية يعتبر التوصيف القانوني له بـ”أنه قرصنة بحرية وذات طابع إرهابي.



شارك برأيك