آخر تحديث :الخميس 25 ابريل 2024 - الساعة:22:08:41
جيمس تاون الأمريكية: سقوط مأرب سيمثّل نقطة تحول حاسمة وهزيمة كبيرة للحكومة
(الأمناء نت / خاص :)

أصبحت محافظة مأرب الغنية بالنفط، على نحوٍ متزايد، النقطة المحورية للحرب في اليمن مع زيادة إصرار الحوثيين على السيطرة على المحافظة الاستراتيجية في الأشهر الأخيرة.

مأرب هي آخر معقل متبقٍ في الشمال للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وهي منطقة استراتيجية رئيسية ليس فقط بسبب حقولها النفطية، ولكن أيضاً لأنّها قد تمهد الطريق للحوثيين للانتقال في نهاية المطاف إلى المحافظات الجنوبية الرئيسية، حيث لا تُظهر الانقسامات بين المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الموالية للحكومة أي بوادر على التراجع.

إنّ نجاح الحوثيين في مأرب سيمثّل نقطة تحول حاسمة في الحرب وهزيمة كبيرة للحكومة والتحالف بقيادة السعودية، مما يتركهم محاصرين بشكلٍ أساسي من قبل الحوثيين من ناحية والمجلس الانتقالي الجنوبي من ناحية أخرى. في مثل هذا السيناريو، سيُترك للتحالف والحكومة اليمنية خيارات قليلة باستثناء التفاوض من موقف ضعف كبير أو تأجيل المعركة الخاسرة لفترة أطول بكثير مما يريده التحالف.

تزامنَ الهجوم العسكري للحوثيين في مأرب مع تطوّرات مهمة أخرى قوّضت الحكومة اليمنية وقدرة المملكة العربية السعودية على السيطرة على أي نتائج في اليمن. من بين التطورات الأكثر أهمية، والتي لها أيضًا تداعيات خطيرة على معركة مأرب، انسحاب المجلس الانتقالي الجنوبي من اتفاق الرياض المضطرب - صفقة تقاسم السلطة التي ترعاها السعودية والتي تهدف إلى تهدئة القتال بين المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الموالية للحكومة، وأهمّها القوى المحسوبة على حزب الإصلاح.

بخلاف التفوّق الجوي، فإنّ التحالف (بقيادة السعودية) والحكومة اليمنية لهما القليل من المزايا في قتالهما ضد الحوثيين في مأرب. لقد أصاب الاضطراب المستمر وعدم اليقين المجموعات الموالية للحكومة، والتي هي إلى حدٍ كبير قوة قتالية غير متماسكة ومجمعة معاً من مناطق ومحافظات مختلفة ولها دوافع سياسية متباينة، مما يعيق قدرة الحكومة على إملاء الأولويات الاستراتيجية والعملية. 

شهدت المستويات العليا داخل التحالف أيضاً اضطرابات مستمرة، كما يتضح من إقالة الملك سلمان لقائد قوات التحالف الأمير فهد بن تركي.

القيود التي يفرضها التحالف الموالي للحكومة تعزز فقط حقيقة أنّ معركة مأرب، في جميع الاحتمالات، لن يتم كسبها أو خسارتها من خلال القوة العسكرية المُطلقة، ولكن من خلال قدرة الحوثيين أو الحكومة على الحصول على الدعم، أو الموافقة، من قبائل المحافظة الرئيسية، ولا سيما قبيلة مراد القوية. 

قام التحالف العربي بضخّ الأموال بشكل مطّرد في المحافظة، وفي وقت مبكّر من الحرب، قاومت قبائل مأرب بشدة توغلات الحوثيين. ومع ذلك، فإنّ هذه المقاومة نفسها ليست مضمونة إلى الأبد وقد أظهر التاريخ أنّ قبائل مأرب قد غيّرت تحالفاتها ببراعة لضمان بقائها أو لإثرائها. إنّ معركة الولاء القبلي جارية بالفعل، حيث تزعم الحكومة اليمنية أنّ مقاتلي القبائل يندمجون في قواتها ويزعم الحوثيون أنّ عددًا لا يُحصى من رجال القبائل قد انشقوا ويقاتلون الحكومة الآن. من هذا المنظور، ستلعب مدة وشدة الصراع في مأرب أيضاً دوراً مهماً في الاتجاه الذي يتأرجح فيه الدعم القبلي، مع احتمال أن يتأرجح الدعم القبلي نحو المنتصر الظاهر في معركة طويلة الأمد.

التحدي الرئيسي الآخر الذي يتجاوز قدرة الحوثيين على المناورة الفائقة ومسألة حشد الدعم القبلي في مأرب هو تردد الحكومة في إعادة نشر القوات من المواقع الجنوبية الحساسة والغنية بالموارد - ولا سيما بيحان وعتق في شبوة وسيئون في حضرموت - خوفًا من أن يستغل المجلس الانتقالي الجنوبي الوضع لتحقيق مكاسب من شأنها أن تزيد من تآكل سلطة الحكومة. 

بالإضافة إلى مأرب، تُمثّل هذه المواقع الجنوبية قواعد القوة الأساسية للحكومة بالإضافة إلى كل إنتاج النفط في البلاد تقريباً. وشهدت هذه المناطق بشكل متقطع قتالاً عنيفاً بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة منذ أغسطس 2019، ويعتبرها المجلس الانتقالي الجنوبي ضرورية لهدفه المتمثل في أن يكون السلطة الجنوبية البارزة.

مع زحف الحوثيين نحو مأرب وانسحاب المجلس الانتقالي الجنوبي من اتفاق الرياض، تُواجه الحكومة اليمنية والتحالف واحدة من أكبر معضلاتها منذ بدء الحرب. أدّى منع المجلس الانتقالي الجنوبي من اكتساب المزيد من الأرض إلى جعل القوات الموالية للحكومة أقلّ مرونة لأكثر من عام في حين تآكلت شرعية الحكومة بشكل أكبر.

إنّ احتمال فقدان الأصول الاقتصادية الهامة في المحافظات الجنوبية لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي سيمنع استخدام تلك القوات الموالية للحكومة لدعم الخطوط الأمامية في مأرب.







شارك برأيك